الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص183
وهل يكون من شروط التوبة معاودة القتال استدراكا لتفريطه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أن من شرط صحتها ومعاودة القتال استدراكا لتفريطه .
والوجه الثاني : ليس من صحتها العود ولكن ينوي أنه متى عاد لم ينهزم إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ، وسواء كان المسلمون فرسانا والمشركون رجالة ، في جواز انهزامهم من أكثر من مثلي عددهم ، أو كان المسلمون رجالة والمشركون فرسانا في تحريم انهزامهم من مثل عددهم .
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي يجوز أن ينهزم عنهما بخلاف الجماعة مع الجماعة ، لأن فرض الجهاد في الجماعة دون الانفراد .
والوجه الثاني : يحرم عليه أن ينهزم عنهما إلا متحرفا لقتال ، أو متحيزا إلى فئة كالجماعة ، لأن طلبه لهما قد فرض عليه حكم الجماعة .
أحدهما : يجوز لهم أن ينهزموا لقول الله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) [ البقرة : 195 ]
والوجه الثاني : لا يجوز لهم أن ينهزموا ، لأن في التعرض للجهاد أن يكون قاتلا أو مقتولا ، ولأنهم يقدرون على استدراك المأثم في هزيمتهم أن ينووا التحرف لقتال ، أوالتحيز إلى فئة ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما ذكر ، ويجوز للإمام أن يقاتل المشركين بكل ما علم أنه يفضي إلى الظفر بهم من نصب المنجنيق والعرادة عليهم ، وقد نصب رسول الله ( ص ) على الطائف حين حاصرها بعد فتح مكة منجنيقا أو عرادة ، ويجوز أن يشن عليهم الغارة وهم غارون لا يعلمون ، قد شن رسول الله ( ص ) الغارة على بني المصطلق غارين ، ويجوز أن يضع عليهم البيات ليلا ، ويحرق عليهم ديارهم ويلقي عليهم