پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص180

وقوله : وأخذت سابقة الحاج يعني بها ناقة كانت لرسول الله ( ص ) سابقة الحاج ، أخذها المشركون وصارت إلى العقيلي ، فأخذت منه بعد أسره ، فأراد بذلك أن سابقة الحاج قد أخذت مني ففيم أوخذ بعدها ، فقال له : ‘ بجريرتك وجريرة قومك ‘ يعني بجنايتك وجناية قومك ، لأنهم نقصوا عهد رسول الله ( ص ) .

فإن قيل فكيف يؤخذ بجناية غيره ، من قومه .

قيل : لما كان منهم ومشاركا لهم في أفعالهم صار مشاركا لهم في الأخذ بجنايتهم ، فأما إن سقط عنه القتل به الإسار ببذل الجزية على ما ذكرناه من الوجهين لم يرق ببذلها قولا واحدا ، حتى يسترق وكان الإمام فيه على خياره بين استرقاقه ومفاداته والمن عليه بخلاف الإسلام في أحد القولين لأن بقاء كفره يوجب إبقاء أحكامه .

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ وإذا التقوا والعدو فلا يولوهم الأدبار قال ابن عباس ‘ من فر من ثلاثة فلم يفر ومن فر من اثنين فقد فر ‘ ( قال الشافعي ) هذا على معنى التنزيل فإذا فر الواحد من الاثنين فأقل إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة من المسلمين قلت أو كثرت بحضرته أو مبينة عنه فسواء ونيته في التحريف والتحيز ليعود للقتال المستثنى المخرج من سخط الله فإن كان هربه على غير هذا المعنى خفت عليه إلا أن يعفو الله أن يكون قد باء بسخط من الله ‘

قال الماوردي : قد ذكرنا أن الجهاد من فروض الكفايات قبل التقاء الزحفين ، ومن فروض الأعيان إذا التقى الزحفان لقول الله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا ) [ الأنفال : 45 ] فأمر بمصابرة العدو بعد لقائه ، والثبات لقتاله ، وقال تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ) [ آل عمران : 200 ] . الآية وفيه تأويلان :

أحدهما : اصبروا على طاعة الله ، وصابروا أعداء الله ، ورابطوا في سبيل الله ، وهذا قول الحسن وقتادة .

والثاني : اصبروا على دينكم ، وصابروا الوعد الذي وعدكم ، و ‘ رابطوا ‘ عدوي وعدوكم وهذا قول محمد بن كعب .

وقوله : ( لعلكم تفلحون ) [ آل عمران : 200 ] . أي لتفلحوا وفيه تأويلان :

أحدهما : لتؤدوا فرضكم .

والثاني : لتنصروا على عدوكم .