الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص170
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : ما بقي معهم من الطعام قبل قسم الغنيمة رده في الغنائم ، وما بقي بعد قسمتها باعوه وتصدقوا بثمنه ، وعلى مذهب الشافعي : إن لم يجب رده على أحد قوليه كانوا أحق به قبل الغنم ويجوز لهم بيعه بعد خروجهم من دار الحرب ، ولا يجوز لهم بيعه قبل خروجهم منها ، وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة ، وفي دار الإسلام يد ملك ، وإن وجب رده على القول الثاني ردوه إلى المغنم قبل القسم ، وعلى الإمام بعد القسم ، وليس لهم بيعه ولا التصدق بثمنه ، لأنه حق للغانمين وتكون أيديهم عليه في دار الحرب يد استباحة ، وفي دار الإسلام يد حظر فيجوز أن يأكلوه في دار الحرب ولا يأكلوه في دار الإسلام ، ولا يجوز لهم بيعه في دار الحرب ولا في دار الإسلام والله أعلم .
قال الماوردي : كتبهم مغنومة عنهم ، لأنها من أموالهم وهي ضربان :
أحدهما : ما ليس بمحظور على المسلمين وهو ما فيه طب ، أو حساب ، أو شعر ، أو أدب فتترك على حالها وتقسم في المغنم مع سائر أموالهم .
والضرب الثاني : ما كان محظورا على المسلمين من كتب شركهم وشبه كفرهم فلا يجوز أن تترك على حالها ، وكذلك التوراة والإنجيل لأنهما قد بدلا وغيرا عما أنزلهما الله تعالى عليه فجرت في المنع من تركها على حالها مجرى كتب شركهم ، فتغسل ولا تحرق بالنار ، وإن اختار بعض الفقهاء إحراقها ، لأنه ربما كان فيها من أسماء الله تعالى ما يصان عن الإحراق ، ولأن في أوعيتها إذا غسلت منفعة لا يجوز استهلاكها ، على الغانمين فإن لم يكن غسلها مزقت ، حتى يخفى ما فيها من الشرك ، ثم بيعت في المغنم إن كان لها قيمة .
وأما خنازيرهم فتقتل سواء كانت مؤذية أو غير مؤذية ، وقد قال الشافعي في سير الواقدي : تقتل إن كان فيها عدوى ولم يرد بذلك تركها إن لم يكن فيها عدوى ، وإنما أراد تعجيل قتلها خوف ضررها وإن كانت عادية وإن وجب قتلها عادية وغير عادية