پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص169

الحرب فإن اشتدت ضرورة بعض المجاهدين إلى ثوب يلبسه استأذن فيه الإمام ، وأعطاه من الثياب ما يدفع به ضرورته ، ويكون محسوبا عليه من سهمه ، وإذا نفقت دابته أو قتلت في المعركة لم يستحق بدلها من المغنم ، كما لو مات المجاهد أو قتل لم يلزم غرم ديته ، فإن اشتدت ضرورته إلى ما يركبه لقتال أو غيره ، استأذن الإمام حتى يعطيه إما من خمس الخمس نفلا ، وإما من الغنيمة سلفا من سهمه ، يفعل منها ما يؤديه اجتهاده إليه ، فإن شرط لهم الإمام أن من قتل فرسه في المعركة كان له مثلها أو ثمنها ، جاز ليحرضهم على الإقدام ، ووفى بشرطه ودفع إليهم مثلها أو ثمنها بحسب الشرط ولم يقتصر على حكم ضمان المستهلك في غرم قيمة الدابة ، وجاز له أن يعدل إلى المثل والثمن ، لأن ذلك من عموم المصالح التي يتسع حكمها ويكون ما يدفعه من ذلك من خمس الخمس ، سهم رسول الله ( ص ) المعد للمصالح العامة .

( فصل )

ويجوز أن يتابع المجاهدون في دار الحرب ما أخذوه من طعامهم رطلا برطلين ، ولا يكون ربا إذا باعه مجاهد على مجاهد ، لأنه مباح الأصل بينهم فسقط فيه حكم الربا ، نص عليه الشافعي في سير الواقدي ، وإن كان تحريم الربا عنده في دار المشركين كتحريمه في دار الإسلام ، ولا يجوز أن يبيعه بذهب ولا ورق ، ويكون مقصورا على بيع المأكول بمأكول كما كان مقصورا على إباحة المأكول ، فإن تأخر قبض البدل فيه سقطت المطالبة به لإباحة أصله ، فإن أراد المجاهد أن يبيعه على من ليس بمجاهد لم يجز بيعه بأكثر منه ولا بثمنه ولا بثمن في الذمة ويكون مبيعا باطلا على الأحوال كلها ، وإن عقد على شروط الصحة لأن الإباحة مقصورة على الأكل دون البيع كطعام الولائم ، وهكذا لو دفعه المجاهد قرضا لغيره منع إن كان مقترضه غير مجاهد ولم يمنع إن كان مقترضه مجاهدا ويصير مقترضه أحق به ولا يستحق استرجاع بدله ، وإذا أراد المجاهد أن يبيع طعاما له حمله من دار الإسلام على مجاهد أو غير مجاهد جاز وحرم له فيه الربا ، وإن أقرضه استحق استرجاع بدله بخلاف المأخوذ من طعام أهل الحرب للفرق بينهما بإباحة هذا وحظر ذاك

( فصل )

وإذا خرج المسلمون من دار الحرب ومعهم من بقايا ما أخذوه من طعامهم ففي وجوب رده إلى المغنم قولان :

أحدهما : نص عليه هاهنا أن عليهم رده إلى المغنم لارتفاع الحاجة ، فإن استهلكوه كان محسوبا عليه من سهامهم .

والقول الثاني : نص عليه في سير الأوزاعي ، لا يلزمهم رده ، لأنه موضوع على الإباحة ، وبه قال الأوزاعي وقد روى نافع عن ابن عمر أن جيشا غنموا في زمن رسول الله ( ص ) طعاما وعسلا ، فلم يؤخذ منهم الخمس .