الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص167
قال الماوردي : يجوز لأهل الجهاد إذا دخلوا دار الحرب أن يأكلوا طعامهم ، ويعلفوا دوابهم ما أقاموا في دارهم ، ولا يحتسب به عليهم من سهمهم ، لرواية عبد الله بن مغفل قال : دلي جراب من شحم يوم خيبر ، قال فأتيته فالتزمته ، وقلت : لا أعطى اليوم منه أحداً شيئا ثم التفت فإذا رسول الله ( ص ) يبتسم ، فدل تبسمه منه وتركه عليه على إباحته له .
وروى عبد الله بن أبي أوفى قال : أصبنا طعاما يوم خيبر ، قال : فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه وينصرف ، فدل ذلك على إباحته ، ولأن أزواد المجاهدين تنفذ ويصعب نقلها من بلاد الإسلام إليهم ، ولا يظفرون بمن يبيعها عليهم فدعت الضرورة إلى إباحتها لهم .
فإذا ثبت إباحتها لهم ، فقد اختلف أصحابنا هل تعتبر الحاجة في استباحتها أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول الجمهور والظاهر من مذهب الشافعي ، أن الحاجة غير معتبرة في استباحتها وأنه يجوز لهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم ، مع الحاجة والغنى والوجود والعدم ، واعتبارا بطعام الولائم .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة إنهم لا يستبيحونه إلا مع الحاجة اعتبارا بأكل المضطر من طعام غيره هو ممنوع منه إلا عند حاجته ، واعتباره بالمضطر خطأ من وجهين :
أحدهما : أن المضطر لا يستبيح إلا عند خوف التلف وهذا مباح ، وإن لم يخف التلف .
والثاني : أن المضطر ضامن ، وهذا غير ضامن فافترقا .
ولا يجوز أن يتخذ جلودها حذاء ولا سقاء لاختصاص الإباحة بالأكل ، فأشبه طعام الولائم ، ولا يجوز أن يعدل عن المأكول والمشروب إلى ملبوس ومركوب ، فأما الأدوية فضربان : طلاء ومأكول .