الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص166
مستحقيها ، فكان أولى من تأخيرها ، ولأن حفظ ما قسم أسهل والمؤونة في نقله أخف فكان أولى .
فأما الجواب عن حديث ابن عباس ، أنه قسم غنائم بدر بالمدينة فمن وجهين :
أحدهما : أنا روينا خلافه ، فتعارضت الروايتان .
والثاني : أن المهاجرين والأنصار تشاجروا فيها ، فأخرها لتشاجرهم ، حتى جعلها الله تعالى لرسوله بقوله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) [ الأنفال : 1 ] فحينئذ قسمها رسول الله ( ص ) على رأيه ، وادخل فيهم ثمانية لم يشهدوا بدرا ، ثلاثة من المهاجرين ، وخمسة من الأنصار .
وأما حديث مكحول مرسل ، والنقل المشهور بخلافه .
وأما الجواب عن تأخير عبد الله بن جحش غنيمة ابن الحضرمي إلى المدينة فمن وجهين :
أحدهما : أنها كانت في الأشهر الحرم فشكوا في استباحتها ، فأخروها حتى قدموا على رسول الله ( ص ) فسألوه عنها فأنزل الله تعالى ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) [ البقرة : 217 ] . الآية .
والثاني : أن عبد الله بن جحش لم يعلم مستحق الغنيمة وكيف تقسم ، فأخرها حتى استعلم رسول الله ( ص ) عنها . وأما الجواب عن قياسهم على بيع ما لم يقبض ، فمن وجهين :
أحدهما : أن ما لم يقبض من المبيعات مضمون على بائعه ، فمنع من بيعه قبل قبضه ، وهذا غير مضمون فافتقرا .
والثاني : أن يد الغانمين أثبت لأن يد المشركين عليه بحكم الدار ويد الغانمين عليه بالاستيلاء والمشاهدة ، فصار كرجل في دار رجل وفي يده ثوب ، فادعاه صاحب الدار لأن صاحب اليد أحق من صاحب الدار ، ولأن صاحب الدار يده من طريق الحكم ويد القابض من طريق المشاهدة فكانت أقوى وكان بالملك أحق .
فاما الجواب عن قولهم إنها معرضة للاسترجاع فهو أنها كذلك فيما اتصل من دار الإسلام بدار الحرب ، ولا يمنع ذلك من جواز قسمتها ، فكذلك في دار الحرب ، فأما مع بقاء دار الحرب فلم يستقر الظفر فيستقر عليها ملك للغانمين أو يد .