پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص149

والوجه الثاني : أنهم أحق به من غيرهم ، وإن لم يتعين فرضه عليهم ، فمأثم تركه فيهم أغلظ لقول الله تعالى : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ) [ الأنفال : 75 ] فيكون الفرق بين الوجهين أن على الوجه الأول لا يجوز لمن علم بحاله من الأقارب والأجانب أن يمسكوا عنه حتى يقوم به أحدهم ، فيسقط فرضه عن جميعهم ، وعلى الوجه الثاني : يجوز للأجانب أن يفوضوا أمره إلى الأقارب فإن أمسك عنه الأقارب شاركهم في فرضه الأجانب ، فإن لم يعلم بحال الميت إلا واحد تعين فرضه عليه وذلك ضربان :

أحدهما : أن لا يوجد غيره ممن يقوم به فيتعين عليه فرض القيام به في الغسل والتكفين والصلاة والدفن .

والثاني : أن يوجد غيره ممن يقوم بمواراته فيكون فيما تعين عليه من فرضه بين خيارين :

إما أن تنفرد بمواراته وإما أن يخبر به من يقوم بمواراته ، فيسقط فرض التعيين ، ويبقى فرض الكفاية على المخبر والمخبر حتى يواريه أحدهم فتصير هذه المواراة من فروض الكفاية في العموم ، ومن فروض الأعيان في الخصوص .

( فصل )

: أما طلب العلم فعلى أربعة أقسام :

أحدهما : ما تعين فرضه على كل مكلف وهو ما لا يخلو مكلف من وجوب فرضه عليه ، كالطهارة والصلاة الصيام ، فيلزمه العلم بوجوبه وصفة أدائه على تفصيله لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ‘ علموهم الطهارة والصلاة وهم أبناء سبع ‘ فلما أمر بتعليم من لم يلزمه الفرض كان تعليم من لزمه أولى ، ولا يلزمه أن يعرف أحكام الحوادث فيها ، لأنها عارضة وإنما يلتزم الراتب من شروطها .

والقسم الثاني : ما يتعين فرض العلم بوجوبه على كل مكلف ، ويتعين فرض العلم بأحكامه على بعض المكلفين دون جميعهم ، وهو الزكاة والحج ، لأن فرضهما لا يتعين على كل مكلف ، ويتعين على بعضهم ، فتعين فرض الحكم على من تعين عليه فرض الفعل ، فيكون فرض العلم بوجوبه عاما ، وفرض العلم بأحكامه خاصا .

والقسم الثالث : ما يتعين فرض العلم بوجوبه ، ولا يتعين فرض العلم بأحكامه ، وهو تحريم الزنا ، والربا والقتل ، والغصب وأكل الخنزير ، وشرب الخمر ، فيلزمهم العلم بتحريمه ، لينتهوا عنه ، ولا يلزمهم العلم بأحكامه إذا فعل ، لأنهم منتهون عنه .

والقسم الرابع : ما كان فرض العلم به على الكفاية ، وهو جميع الأحكام من أصول وفروع ونوازل ، لقول الله تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) [ التوبة : 122 ] . فيه تأويلان :