الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص72
الحرب على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراك ، وإن كانت عليك ألفاك وقد أحرزت أهلك ومالك ، ولم تفضح قومك ، فلم يطعه مالك بن عوف فقال دريد بن الصمة : هذا يوم لم أشهده ؛ ولم يفتني :
ثم التقى الجمعان ، وخرجت الكتائب في غلس الصبح من مضيق الوادي وخرج كمين هوازن من شعابه ، فانهزم من المسلمين في أول اللقاء بنو سليم ، ثم تبعهم في الهزيمة أهل مكة ، ثم تبعهم الناس في الهزيمة أفواجا حتى بقي رسول الله ( ص ) في نفر من أصحابه وأهل بيته العباس بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، وأبو بكر وعمر ، وأسامة بن زيد ، والفضل بن العباس بن عبد المطلب ، وأيمن بن عبيد أخو أسامة من أمه ، وتكلم جفاة أهل مكة حين رأوا الهزيمة بما في نفوسهم من الضغين وضرب أبو سفيان بن حرب بأزلام كانت في كنانته ، وقال : قتل محمد وغلبت هوازن ، وقال كلدة بن الحنبل ألا بطل السحر اليوم ! فقال له صفوان بن أمية كان أخاه لأمه : اسكت فض الله فاك قال : فوالله لأن ير بني رجل من قريش أحب إلي من أن يربيني رجل من هوازن ، وصفوان يومئذ مشرك في شهور خياره ، وكان رسول الله ( ص ) قد انحاز ذات اليمين فنادى إلى عباد الله أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ‘ فما رئى في الناس أشجع منه ، وأمر العباس بن عبد المطلب ، وكان آخذا بلجام بغلته الشهباء ، وهو رجل جهير الصوت ، أن ينادي في الناس : يا معشر الأنصار يا أصحاب السمرة ؛ يا أهل سورة البقرة ، فأجابه من سمعه : لبيك لبيك ، وتبعوا الصوت فلما اجتمع منهم مائة رجل استقبلوا الناس ، فاقتتلوا وتلاحق بهم الناس ، فأخذ رسول الله ( ص ) كف تراب ألقاه عليهم ، وقال : شاهت الوجوه حاميم لا يبصرون واجتلد القوم ، فلما أشرف رسول الله ( ص ) على مجتلدهم قال : الآن حمى الوطيس فولت هوازن منهزمة وثبت بعدهم ثقيف فقتل منهم سبعون رجلا عدة من قتل ببدر ، وقال رسول الله ( ص ) : ‘ من قتل قتيلا فله سلبه ‘ فقتل أبو طلحة عشرين