پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص60

( لكني أسأل الرحمن مغفرة
وضربة ذات فرع تقذف الزبدا )
( أو طعنة بيدي حران مجهزة
بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا )
( حتى يقولوا إذا مروا على جدثي
أرشدك الله من غاز وقد رشدا )

ثم ساروا فسمع العدو بمسيرهم ، فجمع شرحبيل بن عمرو أكثر من مائة ألف من لخم وجذام وبهراء وبلي ، وأقبل هرقل في الروم في مائة ألف ، ونزل المسلمون مكان من أرض الشام ، وبلغهم كثرة الجموع عليهم ، فعزموا على المقام بمكانهم حتى يستأمروا رسول الله ( ص ) فيما يأتونه فحثهم عبد الله بن رواحة على المسير فساروا حتى نزلوا مؤتة من قرى البلقاء ، والعروبة حتى نزلوا شارق من قرى البلقاء والتحمت الحرب في مؤتة ، وقاتل المسلمون أشد القتال ، وتقدم بالراية زيد بن حارثة ، فقاتل حتى طاشت به الرماح ، فقتل به حتى أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ونزل عن فرس له شفراء عقرها ، وكان أول فرس عقرها المسلمون ، وقاتل والجراح تأخذه حتى ضربه رومي ، فقطعه نصفين ، فوجد في أحد نصفيه بضعة وثلاثين جرحا وفي النصف الآخر أكثر منه حتى قيل : إنه كان في بدنه اثنان وسبعون جراحة من ضربة بسيف وطعنة برمح ، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة ، ورأى في نفسه ما استبشر لها فقال :

( أقسمت يا نفس لتنزلنه
طائعة أو فلتكرهنه )
( إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنة )
( قد طالما قد كنت مطمئنة
هل انت إلا نطفة في شنه )

ثم نزل عن فرسه ؛ لأن زيدا وجعفر قاتلا رجاله وسار بالراية وهو يقول :

( يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت )
( وما تمنيت فقد أعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت )

وتقدم فقاتل حتى قتل ، وانهزم المسلمون ، فأخذ الراية ثابت بن أرقم ، وقال : يا معشر المسلمين إلي إلي ، وركز الراية حتى اجتمعوا إليها ، ثم قال لهم : اصطلحوا على رجل منكم فقالوا : أنت لها ، فقال ما أنا بفاعل ، فاصطلحوا على خالد بن الوليد فأخذ الراية ، ودافع القوم عن المسلمين حتى انصرف الناس ، ورفعت الأرض لرسول الله ( ص ) حتى نظر معترك القوم ، فأمر فنودي بالصلاة فصعد المنبر ، وقال : ‘ أيها الناس باب خير باب خير أخبركم عن جيشكم هذا الغازي إنهم انطلقوا فلقوا العدو فقتل زيد