الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج14-ص30
وسار إليهم فتحصنوا منه ، وكانوا أشجع اليهود ، فحاصرهم أشد الحصار خمسة عشر يوما ، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب ، فنزلوا على حكم رسول الله ( ص ) وعلى أن له أموالهم ولهم النساء والذرية ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، فكلمه عبد الله بن أبي بن سلول وكانوا حلفاء الخزرج ، وقال : أحسن فيهم . فأعرض عنه ، فراجعه ، وقال : هؤلاء موالي أربعمائة حاسرا ، وثلاثمائة دارع ، قد منعوني من الأحمر ، ومن الأسود نحصدهم في يوم واحد وإني والله لا آمن وأخاف الدوائر فقال رسول الله ( ص ) خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم ، وأخذ أموالهم وسلاحهم ، وكانوا صاغة ولم يكن لهم حرب وأمر بإخراجهم إلى ‘ أذرعات ‘ الشام فسار بهم عبادة بن الصامت ، حتى بلغ ‘ دباب ‘ وأخذ رسول الله ( ص ) خمس غنائمهم وصفية ، وسهمه وقسم أربعة أخماسه بين أصحابه ، فكانت أول غنيمة خمسها رسول الله ( ص ) بعد بدر .
ثم غزا غزوة السويق ، وسببها : أن أبا سفيان بن حرب ، حرم على نفسه ، لمصرع بدر الرهن والنساء ، حتى يثأر بمحمد وأصحابه وخرج في مائة رجل ، وقال شعرا يحرض فيه قريشا
وسار بهم حتى جاء إلى بني النضير ليلا ليسألهم عن أخبار رسول الله ( ص ) فلم يفتح له حيي بن أخطب ، وفتح له سلام بن مشكم ، وكان سيدهم ففتح لهم فقراهم وسقاهم خمرا ، وعرفهم من أخبار رسول الله ( ص ) ما سألوه ، وسار أبو سفيان في السحر ومر بالعريض وبينه وبين المدينة ثلاثة أميال ، فقتل رجلا من الأنصار وأجيرا له ورأى أن يمينه قد حلت ، وعاد هاربا ، فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) فخرج في طلبه يوم الأحد الخامس من ذي الحجة في مائتي رجل من المهاجرين والأنصار واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر ، ففاته أبو سفيان ، وأصحابه ، ووجدوهم قد ألقوا جرب السويق