أحدهما : لا يضمن ، وتكون نفسه هدراً إذا قيل : إن حده بالثياب كان شرعاً ، وأن السياط فيه اجتهاد ، فعلى هذا في قدر ما يضمنه وجهان :
أحدهما : جميع ديته ، ولا يضمن بعضها ؛ لأن العدول عن جنس الحد إلى غيره يجعل الكل غير مستحق .
والثاني : يضمن نصف ديته لتلفه من واجب ومحظور .
( مسألة )
قال الشافعي : وإن ضرب أكثر من أربعين بالنعال وغير ذلك فمات فديته على عاقلة الإمام دون بيت المال لأن عمر أرسل إلى امرأة ففزعت فأجهضت ذا بطنها فاستشار عليا فأشار عليه أن يديه فأمر عمر علياً فقال عمر عزمت عليك لتقسمنها على قومك ( قال المزني ) رحمه الله هذا غلط في قوله إذا ضرب أكثر من أربعين فمات فلم يمت من الزيادة وحدها وإنما مات من الأربعين وغيرها فكيف تكون الدية على الإمام كلها وإنما مات المضروب من مباح وغير مباح ألا ترى أن الشافعي يقول لو ضرب الإمام رجلا في القذف إحدى وثمانين فمات أن فيها قولين أحدهما أن عليه نصف الدية والآخر أن عليه جزءاً من أحد وثمانين جزءاً من الدية ( قال المزني ) ألا ترى أنه يقول لو جرح رجلاً جرحاً فخاطه المجروح فمات فإن كان خاطه في لحم حي فعلى الجارح نصف الدية لأنه مات من جرحه والجرح الذي أحدثه في نفسه فكل هذا يدلك إذا مات المضروب من أكثر من أربعين فمات أنه بهما مات فلا تكون الدية كلها على الإمام لأنه لم يقتله بالزيادة وحدها حتى كان معها مباح ألا ترى أنه يقول فيمن جرح مرتداً ثم اسلم ثم جرح جرحاً آخر فمات أن عليه نصف الدية لأنه مات من مباح وغير مباح ( قال المزني ) رحمه الله وكذلك إن مات المضروب بأكثر من أربعين من مباح وغير مباح ) .
قال الماوردي : وجملته : أن الإمام إذا جلد في الخمر أكثر من أربعين ، فمات المحدود لم تخل حاله فيه من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يستكمل فيه الحد والتعزير فيجلده ثمانين ، لا يزيد عليها ولا ينقص منها فيضمن نصف ديته ؛ لأنه مات من حد واجب وتعزير مباح يسقط من ديته النصف ؛ لأنه في مقابلة الحد الواجب . ولزم من ديته النصف ؛ لأنه من مقابلة التعزير المباح .
فإن قيل : لم ضمن ما قابل التعزير مع إباحته ؟ قيل : لأن المباح منه ما لم يفض إلى التلف ، فإذا أفضى إليه صار غير مباح ، فضرب الزوج امرأته مباح له ما لم يفض