الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص275
فإن قيل : إنما علق القطع به في الجرين ؛ لأنه قد صار فيه يابساً مدخراً فعنه جوابان :
أحدهما : أنه يكون في الجرين رطباً ويابساً ولم يفرق .
والثاني : أنه أوجب القطع في الجرين عما نفاه عنه قبل الحرز وهو قبل الجرين رطب ، فكذلك في الجرين ، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم روت عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقاً سرق أترجة على عهد عثمان رضي الله عنه فقومت ثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار فأمر بقطعه وليس له في الصحابة مخالف . ومن القياس : أنه نوع مال فوجب أن يستحق القطع بسرقته كسائر الأموال ، ولا ينتقض بالعبد ؛ لأنه يقطع سارقه إذا سرقه وهو صغير أو كبير نائم ، ولأن ما قطع في يابسة قطع في رطبه كالغز والثياب ، وأن أبا حنيفة فرق بين رطب الفواكه ويابسها في وجوب القطع ، وسوى بين طري اللحم وقديده ، وطري السمك ومملوحه في سقوط القطع ، وهذا تناقض ، ولأن الطعام الرطب ألذ وأشهى والنفوس إلى تناوله أدعى فكان بالقطع أولى فأما قوله : ‘ لا قطع في ثمر ولا كثر ) فلأنه غير محرز ، لأن ثمارهم كانت بارزة ولذلك قال : ‘ فإذا آواه الجرين ففيه القطع ) .
وحديث الحسن مرسل ، ويحمل لو صح على الطعام الرطب إذا كان في سنبله غير محرز كالثمر ؛ لأن أبا حنيفة وافق على القطع في الحنطة إذا كانت محرزة .
وخبر عائشة رضي الله عنها محمول على ما كان تافه المقدار لقلته لا لجنسه ؛ لأن الطعام الرطب ليس بحقير .
وأما قولهم : إنه معرض للتلف ففيه جوابان :
أحدهما : أنه معرض للاستعمال دون البذل كما يستعمل الطعام اليابس وليس قلة بقائه موجباً لسقوط القطع فيه كالشاة المريضة يجب القطع فيها وإن لم يطل بقاؤها .
والثاني : أنه قياس جمع فيه بين المحرز وغير المحرز وهما مفترقان في وجوب القطع ؛ لأن الحرز شرط وبالله التوفيق .