الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص258
أن لا يتداخل له كقذف الواحد لواحد ولأن هذا مبني على أصلنا في حد القذف من حقوق الآدميين على ما سندل عليه من بعد ، فنقول عند ثبوته : إن كل حق لآدمي إذا لم يتداخل في وجوبه للواحد على الجماعة لم يتداخل في وجوبه للجماعة على الواحد كالقصاص وفيه احتراز من آجال الديون ؛ لأنها تتداخل في حق الواحد والجماعة .
فأما الجواب عن الآية فهو أنها دليلنا ؛ لأنه أوجب للجماعة على الجماعة ثمانين جلدة ، فلما كان المراد بها كل واحد من القاذفين دل على أن المراد بها كل واحد من المقذوفين .
وأما الجواب عن حديث هلال بن أمية فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن قوله ‘ حد في جنبك ) إشارة إلى الحبس ولا يمتنع أن يجب فيه حدان .
والثاني : أنه أوجب الحد لمن طالب به ولم يخص شريك بن السحماء مطالباً فيوجب له الحد .
والثالث : ما حكي أن شريك بن السحماء كان يهودياً ولا حد في قذف اليهودي .
وأما الجواب عن حديث عمر في حده الشهود على المغيرة فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أنهم لم يعينوا المزني بها ، فيجب الحد بقذفها .
والثاني : أنها لم تطالب به فيحدون لها .
والثالث : أنه فعل واحد فلم يجب في القذف به إلا حد واحد على أحد القولين .
وأما الجواب عن قياسهم على حد الزنا فهو أن حد من حقوق الله تعالى الموضوعة على المساهلة ، وإدرائها بالشبهة ، وحد القذف من حقوق الآدميين التي تدخلها المضايقة والمشاحنة ، ولا تدرأ بالشبهة ، فكان افتراقها في التغليظ موجباً لافتراقها في التداخل .
وأما الجواب عن اعتبار تكرار القذف للجماعة بتكراره في الواحد فهو فساد ، موضوعه من وجهين :
أحدهما : أنه لما تداخل لعانه إذا تكرر في الزوجة الواحده ولم يتداخل إذا تكرر في الزوجات كذلك القذف .
والثاني : أنه لما كان تكرار الوطء في النكاح الفاسد يوجب تداخل المهر في المنكوحة الواحدة ولا يوجب تدخله في مهور الجماعة لم يجز أن يعتبر ما تكرر في الواحد بما تكرر في الجماعة .