پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص209

وقال أبو حنيفة : لا حد على واحد منهما استدلالا بأمرين :

أحدهما : أن فعل الرجل مع فعل المرأة وطء واحد ، فإذا سقط الحد في جنبتها بالجحود سقط في جنبته وإن أقر لعدم الكمال ؛ لأن الحد لا يجب إلا في زنا كامل .

والثاني : أن الزنا بجحودها وإقراره متردد بين وجود وعدم ، فصار شبهة فيه ، فوجب إسقاط الحد به .

ودليلنا : أن ماعزاً لما أقر بالزنا عند رسول الله ( ص ) أربع مرات قال : الآن أقررت أربعاً فبمن قال : بفلانة فلم يبعث رسول الله ( ص ) إليها ولم يسألها ولو كان إقرارها شرطاً في وجوب حده وإنكارها موجباً لسقوطه لكف عن رجمه إلا بعد سؤالها .

وروى سهل بن سعد الساعدي أن رجلاً اقر أنه زنا بامرأة فبعث النبي ( ص ) إليها فجحدت ، فحد الرجل ، وهذا نص .

فإن قيل : إنما حده القذف .

قيل : حد القاذف لها لا يستحق إلا بمطالبتها ، ولم ينقل أنها طالبت ، فصار محمولاً على حد الزنا دون القذف .

ومن القياس : أنه ليس في جحودها أكثر من عدم إقرارها بالزنا ، وهذا لا يوجب سقوط الحد عنه كالسكوت إذا لم يجحد ولم تقر ، ولأن من لم يمنع سكوته من إقامة الحد على غيره لم يمنع منه جحوده قياساً على غيرها ، ولأن جحودها لو كان مسقطاً للحد عنه لوجب إذا كانت غائبة ألا يحد حتى تحضر ؛ لجواز أن تجحد فيسقط الحد عنه ، وفي إجماعهم على تعجيل حده قبل قدومها وسؤالها دليل على أن إقرارها وجحودها سواء في حقه .

وأما الجواب عن استدلاله ‘ بأنه وطء واحد ) فهو أنه وإن كان وطئاً واحداً فلا يمتنع أن يثبت حكمه في جنبة أحدهما ، وإن سقط في جنبة الآخر ، كما لو كان عاقلاً وهي مجنونة أو كبيراً وهي صغيرة .

وأما الجواب عن أن سقوطه في جنبة أحدهما شبهة فهو : أنها شبهة في حقها دون حقه ، وذلك لا يوجب سقوط الحد عنه كما لو أكرهها على الزنا لم يكن سقوط الحد عنها موجباً لسقوط الحد عنه ، وبنى أبو حنيفة على هذه المسألة إذا زنا الناطق بخرساء .