الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص172
وإن كان أبواهم مرتدين لم يجر عليهم حكم الإسلام بأنفسهم ولا بغيرهم ، ففيها قولان :
أحدهما : – وهو الأصح المنصوص عليه في هذا الموضع – أنه يجري عليهم حكم الردة ، إلحاقاً بآبائهم فلا يجوز سبيهم ولا استرقاقهم كآبائهم .
لكن لا يقتلون إلا بعد بلوغهم وامتناعهم من التوبة .
فإن ماتوا قبل البلوغ لم يصل عليهم ، ولم يورثوا ، وكان مالهم فيئاً .
فيكونوا على هذا القول موافقين للمولودين قبل الردة من وجه : وهو أنهم لا يسبون ولا يسترقون ، ومخالفين لهم من وجه : وهو أنه يجري عليهم حكم الردة قبل بلوغهم ، ويجري على المولودين حكم الإسلام قبل بلوغهم .
القول الثاني : انهم مخالفون لآبائهم ، فيكونوا كفاراً لم يثبت لهم حرمة الإسلام لأن آباءهم وصفوا الإسلام فثبتت فيهم حرمته وهؤلاء لم يولدوا في إسلام آبائهم ولا وصفوه بأنفسهم ، فانتفت عنهم حرمة الإسلام بهم وبآبائهم .
فعلى هذا يجوز سبيهم واسترقاقهم كأولاد أهل الحرب ، لكن لا يجوز أن يقروا بعد الاسترقاق على كفرهم ، لدخولهم في الكفر بعد نزول القرآن .
ومن أسر منهم بعد البلوغ كان الإمام على خياره فيهم كأهل الحرب بين أربعة أشياء : قتل أو استرقاق أو فدا أو من .
فيكونوا مخالفين للمولودين قبل الردة من وجهين :
أحدهما : أنه لا يجري عليهم حكم الإسلام قبل بلوغهم ، وإن جرى حكمه على المولود قبل الردة .
والثاني : أنه يجوز سبيهم واسترقاقهم وإن لم يجز ذلك في المولود قبل الردة .
وفرق أبو حنيفة بينهما فقال : إن ولدوا في دار الإسلام لم يجز سبيهم ولا استرقاقهم وإن ولدوا في دار الحرب جاز سبيهم واسترقاقهم .
احتجاجاً : بقول النبي ( ص ) : ‘ منعت دار الإسلام ما فيها وأباحت دار الشرك ما فيها ) .