الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص83
القاتل على العفو ، وكانت بينة تامة في الإبراء . وفي صفة يمين القاتل هاهنا مع شاهده وجهان :
أحدهما : ذكره الشافعي رضي الله عنه في كتاب الأم ، وقاله أبو إسحاق المروزي يحلف لقد عفا عن الدية ، ولا يذكر أنه عفا عن القود ، لسقوط القود بإقرار الأخ دون شهادته ، وكما يحلف الأخ إذا ردت شهادة أخيه أنه ما عفا عن الدية ولا يذكر القود .
والوجه الثاني : ذكره الشافعي في هذا الموضع وقاله أبو علي بن أبي هريرة ، أنه يحلف القاتل مع شاهده لقد عفا عن القود والدية ، لأن هذه يمين تقوم مقام شاهد فكانت على لفظ الشهادة وخالفت يمين الأخ ، لاختصاصها بإثبات المستحق والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن كل شاهد جر بشهادته إلى نفسه نفعاً ، أو دفع بها ضرراً ، كانت شهادته مردودة فإذا شهد وارثا المجروح وهم أخواه ، أو عماه على رجل أنه جرحه لم تخل حال الشهادة من أحد أمرين :
أحدهما : إما أن يكون بعد اندمال الجرح ، فشهادتهما مقبولة ، لأنهما لا يجران بها نفعاً ولا يدفعان بها ضرراً ، سواء أوجبت القصاص أو الدية .
والثاني : أن تكون الشهادة قبل اندمال الجرح فهي مردودة فلا تقبل لأمرين :
أحدهما : أنها قد تسري إلى نفسه فيموت منها ويصيرا المستحقين لها ، فيصيرا شاهدين لأنفسهما .
والثاني : أن المجروح مع بقاء الجراح متهم .
ولورثة المريض الاعتراض عليه في مال ومنعه من التصرف فيما زاد على ثلثه كاعتراضهم عليه بعد موته ولا تجوز شهادتهم له بعد الموت ، فكذلك في المرض ، فعلى هذا إن كان الجرح مما يسري مثله إلى النفس جازت شهادتهما له على التعليل الأول ، ولم تجز شهادتهما له على التعليل الثاني ، وكذلك لو شهد له وارثاه في مرضه بدين كان في قبول شهادتهما له وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا تقبل شهادتهما في الدين كما لا تقبل في الجرح ، وهو مقتضى التعليل الثاني ،
والوجه الثاني : وهو قول أبي الطيب بن سلمة أنها تقبل في الدين وإن لم تقبل