پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص25

أحدهما : وهو الأصح هاهنا أن كل واحد منهم يحلف خمسين يميناً والأصح في المدعين أن تقسط بينهم ، لأن كل واحد من المدعى عليهم ، كالمنفرد في وجوب القود والتزام الكفارة ، فكان كالتفرد في عدد الأيمان ، وخالف المدعين لأن الواحد من الجماعة لا يساوي المنفرد فيها فافترق .

والقول الثاني : أن الأيمان مقسطة بينهم على أعدادهم يجبر الكسر يستوي فيه الرجل والمرأة بخلاف أيمان المدعين ، لأن المدعين يتفاضلون في ميراث الدية فيفاضلوا في الأيمان والمدعى عليهم يستوون في التزام الدية فيساووا في الأيمان . والله أعلم .

( فصل )

فإن حلفوا برئوا من القتل فلم يلزمهم قود ولا دية .

وقال أبو حنيفة : إذا حلفوا غرموا الدية ، احتجاجاً برواية زياد بن أبي مريم أن جده أتى رسول الله ( ص ) فقال : أخي قتل بين قريتين فقال : رسول الله ( ص ) يحلف منهم خمسون رجلاً ، فقال : ما لي من أخي غير هذا قال : نعم ولك مائة من الإبل فجمع له بين الأيمان والدية . وبما روي أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – . أحلفهم خمسين يميناً ما قتلناه ولا عرفنا قاتله وأغرمهم الدية .

قال : ولأن حكم القسامة مخالف لسائر الدعاوى فصارت الأيمان في القسامة موضوعة للإيجاب وفي غيرها من الدعاوى موضوعة للإبراء والإسقاط .

ودليلنا قول النبي ( ص ) للأنصار فيبرئكم يهود بخمسين يميناً فاقتضى أن يبرأوا بأيمانهم ؛ ولأن اليمين توجب تحقيق ما حلف عليه وإثبات حكمه ، فلما كانت يمينه موضوعة لنفي القتل ، وجب أن ينتفي عنه حكم القتل كما كانت يمينه في سائر الدعاوى موضوعة لنفي الدعوى فسقط عنه حكمها وفي هذا انفصال عن الاستدلال وقد تقدم الجواب عن الخبر والأثر .

( فصل )

وإن نكل المدعى عليهم عن الأيمان أغرموا الدية ولم يحبسوا .

وقال : أبو حنيفة يحبسون حتى يلحفوا ثم يغرمون استدلالا بأن الأيمان في القسامة هي نفس الحق فوجب أن يحبسوا عليه كما يحبسون على سائر الحقوق وهذا خطأ من وجهين :

أحدهما : أن الأيمان في الشرع موضوعة للتغليظ والزجر ، حتى لا يقدم على كذب في دعوى ولا إنكار ، فإذا امتنع منها فقد انزجر بها فلم يجز أن يحبس عليها ليكره على أيمان ربما اعتقد كذبه فيها ، فيصير محمولاً على الكذب والحنث .