الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص382
فصعد العباس على ظهره حتى أعاد الميزاب إلى موضعه فدل ما كان من رسول الله ( ص ) في نصبه ومن عمر في إعادته ومن الصحابة في إقرارهم عليه على أنه شرع منقول وفعل متبوع .
والثاني : مشاهدة رسول الله ( ص ) إلى ما وطئه من البلاد وفيها الأجنحة والميازيب فما أنكرها وأقر أهلها عليها ، وجرى خلفاؤه وصحابته رضي الله عنهم على عادته في إقرارها بعد موته ، وقد سلكوا من البلاد أكثر مما سلك ، وشاهدوا من اختلاف أحوالها أكثر مما شاهد ، فلم يوجد أحد عارض فيه أحد ، فدل على انعقاد الإجماع فيه وزوال الخلاف عنه ، وخالفت الأجنحة الدكاك ، لأن الدكاك مضرة بالمجتازين مضيقة لطرقاتهم وليس في الأجنحة مضرة ولا تضييق .
أحدهما : وهو قوله في القديم : لا يضمن ، لأنه مما لا يوجد منه بد فصار مضطراً إليه وغير مضطر إلى الجناح فافترقا .
والقول الثاني : وهو الجديد : أنه يكون مضموناً يلزمه ما تلف به كالجناح ، لأنه قد كان يقدر على إجراء مائه إلى بئر يحفرها في داره فيكون غير مضطر إليه كما هو غير مضطر إلى الجناح ، فإذا وجب عليه الضمان فيما تلف بالجناح والميزاب نظر فيما وقع به التلف ، فإن كان خارجاً عن داره ضمن به جميع الدية ، وإن كان بعضه خارجاً وبعضه في حائطه فسقط جميعه فقتل ففي قدر ما يضمنه من ديته ثلاثة أقاويل حكاهما أبو حامد المروزي في جامعه :
أحدهما : يضمن جميع ديته ، لأن الداخل في الحائط من الخشب جذبه الخارج منه فضمن به جميع ديته . والقول الثاني : يضمن به نصف ديته ، لأن ما في الحائط منه موضوع في ملكه والخارج منه مختص بالضمان ، فصار التلف من جنسين مباح ومحظور فضمن نصف الدية .
والقول الثالث : أنه يضمن من الدية بقسط الخارج من الخشبة .
مثاله : أن يكون طول الخشبة خمسة أذرع ، فإن كان الخارج منها ثلاثة أذرع ضمن ثلاثة أخماس ديته ، وإن كان الخارج أربعة أذرع ضمن أربعة أخماس ديته يقسط على قدر الداخل والخارج .