الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص381
مهدوما لم يكن له التفرد بهدمه ، وإن كانت قيمته نقضه وآلته مثل قيمته قائماً أو أكثر سئل عنه أهل المصر من يعرف الأبنية فإن قالوا : إن سقوطه يتعجل ولا يثبت على انتصابه كان له أن ينفرد بهدمه لحسم ضرره ، وإن قالوا : إنه قد يلبث على انتصابه ولا يتعجل سقوطه لم يكن له أن ينفرد بهدمه .
والضرب الثاني : أن يميل إلى أحد الدارين فللذي مال إلى داره أن يأخذ شريكه بهدمه ، وله أن امتنع أن ينفرد بهدمه لحصوله فيما قد اختص بملكه من هواء داره ، وليس للذي لم يمل إليه أن يأخذ شريكه بهدمه ، ولا له أيضا أن ينفرد بهدمه والتزام مؤونته ، لأنه قد أمن ميله إلى غير ملكه أن يسقط إلى داره .
وقال جمهور أصحابنا : إن ما لا يناله أشرف الجمال إذا كان عليها أعلى العماريات فهو غير مضر وما يناله ذلك فهو مضر ، وهذا الحد عندي على الإطلاق غير صحيح ، بل يجب أن يكون معتبراً بأحوال البلاد ، فما كان منها تسلكه جمال العماريات [ كان هذا حد ضرره ، وما كان منها لا تسلكه جمال العماريات وتسلكه الأجمال ] كان الجمل بحمله حد ضرره ، وما كان منها لا تسلكه الجمال وتسلكه الخيل بفرسانها كان أشرف الفرسان على أشرف الخيل حد ضرره ، وما كان منها لا تسلكه الخيل ولا الركاب كجزائر في البحر وقرى في البطائح كان أطول الرجال بأعلى حمل على رأسه هو حد ضرره ؛ لأن عرف كل بلد أولى أن يكون معتبراً من عرف ما عداه ، إذا كان غير موجود فيه وإذا كان غير مضر أقر ولم يكن لأحد أن يعترض عليه ولا يمنعه منه .
وقال أبو حنيفة : يقر على ما لا يضر إذا لم يعترض عليه أحد من المسلمين ، فإن اعترض عليه أحدهم منع منه وأخذ بقلعه احتجاجاً بأنه لما منع من بناء دكة في عرصة الطريق منع من إشراع جناح في هوائه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : ما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر بدار العباس بن عبد المطلب فقطر عليه من ميزابها ماء فأمر بقلعه ، فخرج العباس وقال : قلعت ميزابا نصبه رسول الله ( ص ) بيده ؟ فقال عمر : والله لا صعد من يعيد هذا الميزاب إلا على ظهري