الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص376
مات بوقوعهما عليه فاشتركا في ديته لاشتراكهما في تلفه ، ودية الثاني على الثالث ؛ لأنه انفرد بالوقوع عليه فانفرد بديته ، ودية الثالث هدر ؛ لأنه تلف من وقوعه ، وإن جذب بعضهم بعضاً فجذب الأول الثاني وجذب الثاني الثالث فإذا ماتوا جميعاً كان موت الأول والثاني بفعل قد اشتركا فيه ، وموت الثالث بفعل لم يشاركهما فيه ، لأن موت الأول كان بجذبه للثاني وبجذب الثاني للثالث وموت الثاني بجذب الأول وبجذب الثاني للثالث فصار الأول والثاني مشتركين في قتل أنفسهما يجب عليهما حكم المصطدمين ، وكان النصف من دية كل واحد منهما هدراً ؛ لأنه في مقابلة فعله والنصف الآخر على عاقلة صاحبه ، فيكون على عاقلة الأول نصف دية الثاني وباقيها هدر ، وعلى عاقلة الثاني نصف دية الأول وباقيها هدر ، فأما الثالث فهو مجذوب وليس بجاذب ، فتكون جميع ديته مضمونة ؛ لأنه مجذوب ولا يضمن دية غيره ، لأنه ليس بجاذب وفيمن يضمن ديته وجهان :
أحدهما : يضمنها الثاني دون الأول ، لأن الثاني هو المباشر بجذبه .
والوجه الثاني يضمنها الثاني والأول بينهما بالسواء ، لأن الأول لما جذب الثاني وجذب الثاني الثالث صارا مشتركين في جذب الثالث فلذلك اشتركا في ضمان ديته ، وعلى هذا لو جذب الأول ثانياً وجذب الثاني ثالثاً وجذب الثالث رابعاً وماتوا فيسقط الثلث من دية الأول هدراً ويجب ثلثاها على الثاني والثالث ؛ لأنه مات بحذبه للثاني وبجذب الثاني للثالث وبجذب الثالث للرابع ، فكان موته بفعله وفعل الثاني وفعل الثالث وليس للرابع فعل ؛ لأنه مجذوب وليس بجاذب فكان ثلث ديته هدراً ؛ لأنه في مقابلة فعله وثلثها على عاقلة الثاني ، وثلثها على عاقلة الثالث ، وهكذا الحكم في الثاني يكون ثلث ديته هدراً ، وثلثاها على عاقلة الأول [ وثلثها على عاقلة الثالث ] لأنه مات بجذب الأول له وبجذبه للثالث وبجذب الثالث الرابع فصار الأول والثاني والثالث مشتركين في قتل الثالث ، فسقط ثلث الدية ، لأنها في مقابلة فعله ووجب ثلثاها على الأول والثالث ، وأما دية الثالث ففي قدر ما يهدر منها ويضمن وجهان :
أحدهما : يهدر نصف ديته ويجب نصفها على الثاني ؛ لأنه مات بجذب الثاني وبجذبه للرابع فصار مشاركا للثاني في قتل نفسه فسقطت نصف ديته ، لأنه في مقابلة قتله ، ووجب نصفها على الثاني وخرج منها الأول ، لأنه باشر جذبه .
والوجه الثاني : أنه ينهدر من ديته ثلثها ويجب ثلثاها على الأول والثاني ، لأن