الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص373
والرابع : أن يحفرها في طريق سابل .
فأما القسم الأول وهو أن يحفرها في ملكه فهو مباح ، ولا ضمان عليه فيما سقط فيها من بهيمة ، أو إنسان ، بصير أو ضرير سواء كان الدخول بأمر أو غير أمر إذا كانت ظاهرة ، ولكن لو حفر بئراً في ممر داره وغطاها عن الأبصار ودخل إليها من سقط فيها فمات فلا يخلو حال الداخل من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يدخلها بغير أمر فهو متعد بالدخول ونفسه هدر .
والحال الثانية : أن يكرهه الحافر على الدخول ، فيضمن ديته لتعديه بإكراهه على الدخول .
والحال الثالثة : أن يدخلها مختارا بإذن الحافر ، فإن أعلمه بها فلا ضمان عليه ، وإن لم يعلمه بها وهو بصير ولها آثار تدل عليها فلا ضمان عليه ، وإن لم تكن لها آثار أو كان لها آثار والداخل أعمى ففي وجوب الضمان قولان :
أحدهما : وهو الأظهر ، المنصوص عليه أنه لا ضمان عليه ، وتكون نفس الواقع فيها هدراً ، لأنه دخل باختيار والحفر مباح .
والقول الثاني : يضمن الحافر دية الواقع تخريجا من أحد قوليه فيمن سم طعاماً وأذن في أكله .
أحدهما : أن يحفرها المالك فلا ضمان فيما سقط فيها على الحافر ولا على المالك ، لأن كل واحد منهما غير متعد ، ويخرج الحافر بالإذن من عواقب الحفر .
والضرب الثاني : أن يحفرها بغير إذن مالكها فالحافر متعد بحفرها وهو الضامن لما تلف فيها من إنسان أو بهيمة ، سواء قدر المالك على سدها أو لم يقدر لخروجه عن عدوان الحفر ، فإن أراد الحافر أن يطمها ليبرأ من ضمانها أخذ المالك بتمكينه من طمها ليبرأ من ضمان ما سقط فيها ، فإن أبرأه المالك من الضمان ففيه وجهان :
أحدهما : أنها براءة باطلة لتقدمها على الوجوب ، فعلى هذا يؤخذ بتمكين الحافر من طمها .
والوجه الثاني : يبرأ ويكون الإبراء جارياً ومجرى الإذن بالحفر ، فعلى هذا يمنع الحافر من طمها .