پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص372

على واضع الحديدة دون واضع الحجر ، لأنه قد صار صاحب الحديدة كالدافع له ، ولو كان صاحب الحجر غير متعد بوضعه وصاحب الحديدة متعدياً فعثر رجل بالحجر فوقع على الحديدة فمات ضمنه واضع الحديدة دون واضع الحجر ، لأن وضع الحجر مباح ، فصارت الجناية منسوبة إلى واضع الحديدة لتعديه ، وبطل التعليل بالدفع الملغي لخروجه عن التعدي والحظر ، وهكذا لو برزت نبكة من الأرض فعثر بها هذا المار فسقط على الحديدة الموضوعة بغير حق فمات ضمن واضعها ديته ، لأن بروز النبكة التي عثر بها لا توجب الضمان فأوجبه وضع الحجر .

( فصل )

ولو أخرج طيناً من داره لهدم أو بناء ليستعمله حالاً بعد حال فعثر به بعض المارة فسقط ميتاً نظر : فإن كان الطريق ضيقاً أو الطين كثيراً فهو متعد بوضعه ، فيه فيكون ضامنا لديته ، وإن كان الطريق واسعا والطين قليلاً وقد عدل به عن مسلك المارة إلى فناء داره لم يضمن ، لأنه غير متعد به ولا يجد الناس من مثله بداً .

وقال بعض أصحابنا : يضمن لأنه مباح بشرط السلامة ، فإذا أفضى إلى التلف ضمن كتأديب المعلم ، وهذا فاسد ، لما فيه من التسوية بين المباح والمحظور مع وضوح الفرق بينهما .

( فصل )

ولو رش ماء في طريق سابل فزلق فيه بعض المارة فسقط ميتاً ضمن ديته لحدوثه عن سبب محظور ، وهكذا لو ألقى في الطريق قشور بطيخ أو فاكهة قد أكلها فزلق بها إنسان فمات ضمنه لما ذكرنا ، ولو بالت دابته في الطريق فزلق إنسان فمات فإن لم يكن معها لم يضمن ، كما لو رمحت برجلها وليس صحابها معها لم يضمن ؛ لقول النبي ( ص ) : ‘ جرح العجماء جبار ‘ يعني : البهيمة ، وإن كان صاحبها حين بالت معها ضمن ما تلف بزلق بولها ، سواء كان راكباً أو قائداً أو سائقاً لأن يده عليها فجرى بولها الذي في الطريق مجرى بوله الذي يلزمه ضمان ما تلف به .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو حفر في صحراء أو طريق واسع محتمل فمات به إنسان ‘ .

قال الماوردي : وتفصيل هذا أنه إذا حفر بئراً لم يخل حاله في حفرها من أحد أربعة أقسام :

أحدها : أن يحفرها في ملكه .

والثاني : أن يحفرها في ملك غيره .

والثالث : أن يحفرها في الموات .