الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص367
قال الماوردي : وهذا قاله الشافعي رداً على بعض أهل العراق حيث زعم أن النوبي إذا جنى عقلت عنه النوبة ، وكذلك الزنجي وسائر الاجناس يعقل عنهم من حضرهم من أجناسهم لأمرين : أحدهما : أن نسبهم واحد .
والثاني : أنهم يتناصرون بالجنس كما تتناصر العرب بالأنساب ، وهذا فاسد ، والجنس لا يوجب تحمل العقل إلا أن يثبتوا أنسابهم ويتحققوا من أقاربهم فيها وأباعدهم ، وإنما كان كذلك لأمرين :
أحدهما : أن العقل تابع للميراث والجنس لا يوجب التوارث فكذلك لا يوجب تحمل العقل .
والثاني : قد يجمعهم اتفاق البلدان واتفاق الصنائع كما يجمعهم اتفاق الأجناس ، فلو جاز أن تعقل النوبة عن النوبى لجاز أن يعقل أهل مكة عن المكي وأهل البصرى عن البصري ، وكذلك أهل الصنائع ، وهذا مدفوع بالإجماع فوجب أن يكون الجنس مدفوعاً بالحجاج ، وهكذا العجم لا يعقل بعضهم عن بعض إلا بالأنساب المعروفة ، وكذلك اللقيط الذي لا يعرف له نسب ولا يعقل عنه ملتقطه ولا القبيلة التي نبذ فيها والتقط منها ، وهكذا لو جنى رجل قرشي لا يعرف من أي قريش هو لم تعقل عنه قريش كلها حتى يعرف من أي قبيلة هو من قريش ، لأن أباعد قريش إنما يعقلون عنه عند عجز أقربهم نسبا إليه ، فإذا لم يعرف أقربهم إليه للجهل بنسبه فيهم سقط تحمل عقله عنهم وصار جميع هؤلاء ممن لا عواقل لهم بالأنساب فيعقل عنهم جماعة المسلمين من بيت