الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص365
قال الماوردي : قد كان التوارث والعقل معتبراً في الجاهلية بخمسة أشياء :
بالنسب ، والولاء ، والحلف ، والعديد ، والموالاة .
فأما النسب ، والولاء : فقد استقر الإسلام على استحقاق الميراث وتحمل العقل بهما .
وأما الحلف : فهو أن تتحالف القبيلتان عند استطالة أعدائها على التناصر والتظافر لتمتزج أنسابهم ويكونوا يدا على من سواهم فيتوارثون ويتعاقلون ، أو يتحالف الرجلان على ذلك فيصيرا كالمتناسبين في التناصر والتوارث والعقل ، وقد كان رسول الله ( ص ) في حلف المطيبين حين اجتمعت عليه قبائل قريش في دار عبد الله بن جدعان قبل الإسلام على نصرة المظلوم ، وإغاثة الملهوف ، ومعونة الحجيج ، وقال ( ص ) : ‘ أنا من حلف المطيبين ، وما زاده الإسلام إلا شدة وما يسرني بحله حمر النعم ‘ .
وفيه توارث المسلمون بالحلف في صدر الإسلام ، وتأوله بعض العلماء في قوله تعالى : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) [ النساء : 33 ] ثم نسخ التوارث بالحلف بقوله تعالى : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ) [ الأنفال : 75 ] .
فأما تحمل العقل بالحلف فالذي عليه الشافعي رضي الله عنه وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء أن الحلفاء يتعاقلون إلا أن يكونوا متناسبين فيتعاقلون [ بالنسب دون الحلف .
وحكي عن مالك بن أنس ومحمد بن الحسن أن الحلفاء يتعاقلون ] بالحلف وإن لم يتناسبوا استدلالا بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم