الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص362
باقيها ، فتفض على ما احتملوا منها ، وينقل ما عجزوا عنه إلى الموالي ، فإن لم يكونوا فإلى بيت المال .
والقسم الثالث : أن تنقص الدية عن عددهم ويمكن أن تنقص على بعضهم ، لأنها تتقسط على مائة رجل وهم مائتان ففيه قولان :
أحدهما : أنها تقضى على جميعهم ولو تحمل كل واحد منهم قيراطاً ، ولا يخص بها بعضهم لاستواء جميعهم فيها .
والقول الثاني : أنها تقضى على بعضهم دون جميعهم ويخص بها منهم العدد الذي يرافق تحملها ، ويكون من استغنى عنه خارجاً منها ، ويكون الحاكم مخيراً في فضها على من شاء منهم ، لأنها تؤخذ بواجب وتترك بعفو ، والأولى أن يفضها على من كان أسرع إجابة إليها ، وإنما خص بها بعضهم ؛ لأنه لما تقدر ما يتحمله كل واحد منهم لم يجز الزيادة عليه لم يجز النقصان منه ، ونقل المزني عن الشافعي تعليل هذا القول في أخذها من بعضهم دون بعض ، لأن العقل لزم الكل ، واختلف أصحابنا فيما نقله من هذا التعليل هل وهم فيه أو سلم ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه وهم فيه وهو تعليل القول الأول ، وهذا قول أبي حامد المروزي .
والوجه الثاني : أنه سلم فيه ، ومن قال بهذا اختلفوا هل حصل في النقل عنه سهو أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه ما حصل فيه سهو ، وهو تعليل صحيح ، لهذا القول أنه يؤخذ من بعضهم دون بعض ، لأن العقل لزم الكل ، فإن أخذ من بعضهم لم يخرج من جملة من لزمه من العقل فجاز الاقتصار عليه لدخوله في اللزوم .
والوجه الثاني : قد حصل في النقل عنه سهو ، ومن قال بهذا اختلفوا في المحذوف بالسهو على وجهين :
أحدهما : أن الذي نقله المزني لا يأخذها من بعضهم دون بعض ، لأن العقل لزم الكل ، ويكون ذلك إشارة إلى القول الأول فسها الناقل عنه فحذف ‘ لا ‘ فصار القول الثاني .
والوجه الثاني : أن الذي نقله المزني يأخذها من بعضهم دون بعض ، لأن العقل لزم الكل وهو تعليل للقول الثاني إن لم يلزم الكل إذا أخذها من البعض فسها الناقل عنه في حذف الألف التي أسقطها من ‘ لا أن ‘ حين نقل لأن .