الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص359
قال الماوردي : العقل يتحمل بالولاء كما يتحمل بالنسب لقول النبي ( ص ) : ‘ والولاء لحمة كلحمة النسب ‘ .
ولأنه لما استحق الميراث بالولاء كاستحقاقه بالنسب وجب أن يتحمل به العقل كما يتحمل بالنسب ، وإذا كان كذلك فالمناسبون من العصبات مقدمون في العقل على الموالي كما يتقدمون عليهم في الميراث ، ويقدم أيضا العصبات على الموالي في العقل والميراث كما يقدم أقرب العصبات على أبعدهم ، فإذا وجد في أقرب العصبات من يتحمل العقل وقف تحملها عليهم ، وخرج من التحمل البعداء من العصبات وشاركوا فيها الأقارب وخرج منها والموالي ، وإن عجز الأقربون عنها تحملها البعداء والموالي من العصبات وشاركوا فيها الأقارب وخرج منها الموالي إذا تحملها جميع العصبات ، وإن عجز جميعهم عنها شركهم فيها الموالي وكانوا أسوة العصبات في تحملها ، فإن عجز عنها العصبات والموالي شركهم فيها عصبات الموالي ثم موالي الموالي ، فإن عجزوا أو عدموا تحمل بيت مال المسلمين ما عجزوا عنه من بقية العقل أو من جميعه إذا عدموا ؛ لأن ولاء الدين يجمع عاقلة المسلمين فكان عقل جنايته عليهم في بيت مالهم عند عدم عصبته كما ورثوه ، وصار ميراثه لبيت مالهم عند عدم عصبته ، فإن لم يكن في بيت مال المسلمين مال كانت الدية أو ما بقي منها ديناً ، وفي محله قولان مبنيان على اختلاف قول الشافعي في دية الخطأ هل كان ابتداء وجوبها على الجاني ثم تحملتها العاقلة عنه أو وجبت ابتداء على العاقلة .
فأحد القولين : أنها وجبت ابتداء على الجاني ثم تحملتها العاقلة لوجوبها بالقتل وتحملها بالمواساة ، فعلى هذا تؤخذ من القاتل لعدم من يتحملها عنه فإن أعسر بها كانت دينا عليه .