الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص353
قال الماوردي : قد ذكرنا أن العقل يحمله من العاقلة الأغنياء والمتوسطون دون الفقراء ، فوجب أن يفرق بين الغني والمتوسط فيه .
وقال أبو حنيفة : لا فرق بينهما في قدر ما يتحمله كل واحد منهما اعتباراً بزكاة الفطر والكفارات التي يستوي فيها المكثر والمتوسط ، وهذا ليس صحيح ، لقول الله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ) [ الطلاق : 7 ] وقوله تعالى : ( وعلى الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] ولأنهما مواساة فوجب أن يقع الفرق فيهما بين المقل والمكثر كالنفقات ، ولم يسلم ما استدل به من زكاة الفطر والكفارات لاختلاف حكم المقل والمكثر فيها .
وقال أبو حنيفة : الذي يتحمله كل واحد من الغني والمتوسط من ثلاثة دراهم إلى أربعة دراهم ، لا يزاد عليها ولا ينقص منها .
وقال أحمد بن حنبل : يتحملون ما يطيقون بحسب كثرة أموالهم وقلتها من غير أن تتقدر بشرع ، واستدل أبو حنيفة بأن فرض الزكاة أوكد من تحمل العقل ، وأقل ما يجب في زكاة المال خمسة دراهم من مائتي درهم ، فوجب أن يكون ما يلزم في العقل أقل منها فكان أربعة دراهم أو ثلاثة ، واستدل أحمد بقول الله تعالى ( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] .