پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص353

( فصل )

فإذا ثبت أنها لا تسقط بالموت قدمت على الوصايا والمواريث ، وتؤدى وإن استوعبت جميع التركة ، فإن عجز صاحب التركة عنها وعن ديون الميت قسمت على قدر الحقوق ، وكان باقي العقل ديناً يؤدى على الميت ، ولا يرجع به على الباقين من العاقلة لوجوبه على غيرهم ، ولو امتنعت العاقلة من بذل الدية ولم يوصل إليها منهم إلا بحربهم جاز أن يحاربوا عليها كما يحارب الممتنعون من الحقوق الواجبة ، فإن وجدت لهم أموال بيعت عليهم ولم يحاربوا .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولم أعلم مخالفا في أن لا يحمل أحد منهم إلا قليلا وأرى على مذاهبهم أن يحمل من كثر ماله نصف دينار ومن كان دونه ربع دينار لا يزاد على هذا ولا ينقص منه وعلى قدر ذلك من الإبل حتى يشترك النفر في البعير ‘ .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن العقل يحمله من العاقلة الأغنياء والمتوسطون دون الفقراء ، فوجب أن يفرق بين الغني والمتوسط فيه .

وقال أبو حنيفة : لا فرق بينهما في قدر ما يتحمله كل واحد منهما اعتباراً بزكاة الفطر والكفارات التي يستوي فيها المكثر والمتوسط ، وهذا ليس صحيح ، لقول الله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ) [ الطلاق : 7 ] وقوله تعالى : ( وعلى الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] ولأنهما مواساة فوجب أن يقع الفرق فيهما بين المقل والمكثر كالنفقات ، ولم يسلم ما استدل به من زكاة الفطر والكفارات لاختلاف حكم المقل والمكثر فيها .

( فصل )

فإذا ثبت الفرق فيها بين المقل والمكثر فالذي يتحمله الغني المكثر منها نصف دينار والذي يتحمله المقل المتوسط ربع دينار .

وقال أبو حنيفة : الذي يتحمله كل واحد من الغني والمتوسط من ثلاثة دراهم إلى أربعة دراهم ، لا يزاد عليها ولا ينقص منها .

وقال أحمد بن حنبل : يتحملون ما يطيقون بحسب كثرة أموالهم وقلتها من غير أن تتقدر بشرع ، واستدل أبو حنيفة بأن فرض الزكاة أوكد من تحمل العقل ، وأقل ما يجب في زكاة المال خمسة دراهم من مائتي درهم ، فوجب أن يكون ما يلزم في العقل أقل منها فكان أربعة دراهم أو ثلاثة ، واستدل أحمد بقول الله تعالى ( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) [ البقرة : 236 ] .