پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص352

على غنى فلم يؤدها حتى افتقر كانت ديناً عليه ، ولم تسقط عنه بفقره ، لأنها تعينت عليه وقت غناه ، وينظر بها إلى ميسرته ، ولو حال الحول على فقير فلم يستوف حتى استغنى لم يجب عليه بغناه ، لأنه تعين سقوطها عنه وقت فقره .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ومن غرم في نجم ثم أعسر في النجم الآخر ترك ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن الغنى والفقر معتبر في كل حول فلم يتعين في الحول إلا النجم الذي يستحق فيه ، فمن كان غنياً في الأحوال الثلاثة تحمل العقل في جميعها ، ومن كان منهم فقيراً في الأحوال الثلاث سقط عنه العقل في جميعها ، ومن كان غنياً في بعضها ومفتقراً في بضعها وجب عليه العقل في حول غناه وسقط عنه في حول فقره ، فلو ادعى فقراً بعد الغنى أحلف ولم يكلف البينة على فقره ، لأنها لا تجب عليه إلا مع العلم بغناه .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإن مات بعد حلول النجم موسراً أخذ من ماله ما وجب عليه ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا مات من العاقلة موسر بعد الحلول وقبل الأداء لم يسقط عنه العقل بموته .

وقال أبو حنيفة : يسقط عنه بالموت استدلالا بأمرين :

أحدهما : أنها مواساة فأشبهت نفقات الأقارب .

والثاني : أنها صلة وإرفاق فأشبهت الهبات قبل القبض ، وهذا خطأ : لأمرين :

أحدهما : أن حقوق الأموال إذا استقر استحقاقها في الحياة لم يسقط بالوفاة كالديون .

والثاني : أنه لما لم يكن للورثة أن يمنعوا من الوصايا وهي تطوع ، كان أولى أن لا يمنعوا من العقل وهو واجب .

والثالث : أنه لما لم تسقط بالموت دية العمد لم تسقط به دية الخطإ .

فأما نفقات الأقارب فإنما وجبت لحفظ النفس ، وقد وجد ذلك فيما مضى فسقط معنى الوجوب ، ودية القتل وجبت لإتلاف النفس وقد استقر وجوبه فلم تسقط بمضي زمانه ، وأما الهبة فليس كتحمل العقل عنه ، لأنها تؤخذ جبراً والهبة تبذل تطوعاً فافترقا .