الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص350
أحدها : أن تكون في ثلث النفس فما دون كالجائفة وما دونها ، فتؤديه العاقلة في سنة واحد إذا انقضت ولو كان دينارا واحداً .
والضرب الثاني : أن تزيد على الثلث ولا تزيد على الثلثين ، فتؤديه في سنتين بعد انفصال السنة الأولى وثلث الدية ، وبعد انفصال السنة الثانية ما بقي منها ، فإن كان سدس الدية ، لأن جميع الأرش كان نصف الدية في إحدى اليدين أدته في السنة الثانية ، وإن كان ثلث الدية ، لأنهما جائفتان أدته في السنة الثانية .
والضرب الثالث : أن تزيد على ثلثي الدية ولا تزيد على جميع الدية كدية اليدين ، فتؤديه في ثلاث سنين عند انقضاء كل سنة ثلث دية على ما قدمناه .
والضرب الرابع : أن يزيد على دية النفس مثل قطع اليدين والرجلين فنوجب ديتين إحداهما في اليدين ، والأخرى في الرجلين فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يستحقا لنفسين ، فعلى العاقلة أن تؤدى في كل سنة ثلث كل واحدة من الديتين ، فتصير في كل سنة مؤدية فثلثي الدية لانفراد كل جناية بحكمها .
والضرب الثاني : أن يستحقها نفس واحدة فتحمل العاقلة الديتين في ست سنين ، تؤدى في كل سنة منها ثلث دية ، لأنها جناية واحدة لا تتحمل العاقلة فيها أكثر من ثلث دية النفس والله أعلم .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن الدية هي الإبل لا يعدل عنها مع وجودها ، فإن أعوزت ، عدل عنها إلى الدراهم والدنانير ، وهي على قوله في القديم مقدرة بالشرع ، فيكون من الدراهم اثني عشر ألف درهم ومن الدنانير ألف دينار ، وعلى قوله في الجديد تقدر بقيمة وقتها دراهم أو دنانير ، وعلى هذا موضوع هذه المسألة ، ووقت قيمتها عند انقضاء الحول الذي يستحق فيه الأداء ، ولا اعتبار بقيمتها وقت القتل ، لأن قيمة ما في الدية معتبر بوقت الأداء ، كالطعام المغصوب إذا أعوز مثله اعتبرت قيمته وقت الأداء لا وقت الغصب ، فإذا حال الحول الثاني اعتبرت عنده قيمة النجم الثاني ، فإذا حال الحول الثالث اعتبرت عنده قيمة النجم الثالث ، سواء انقضت قيم النجوم الثلاث في الأحوال الثلاثة أو اختلفت ولو أعوزت في نجم ووجدت في نجم أخذت في النجم الذي وجدت ، وأخذ قيمتها من النجم الذي أعوزت ، فلو قومت في حول أعوزت فيه ووجدت فيه نظر وجودها ، فإن كان بعد أخذ قيمتها أجزأت القيمة ولم يرجع إلى الإبل ، وإن كان وجودها قبل أخذ القيمة بطلت القيمة وأخذ الإبل كالطعام