الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص306
قال الماوردي : قد ذكرنا أن شجاج الرأس والوجه تتقدر دياتها في الموضحة وما فوقها من الهاشمة والمنقلة والمأمومة وإن لم تتقدر دياتها في الجسد تغليظاً لحكم الرأس على حكم الجسد ، فاقتضى ذلك فيما لا تتقدر دياته من شجاج الرأس والوجه فيما دون الموضحة من الحارصة والدامية والدامغة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق أن تكون حكوماتها في الرأس أغلظ من حكوماتها في الجسد ، وإذا كان كذلك وجب في الرأس أن يعتبر فيها أغلظ الأمرين .
قال الشافعي في تفصيله الذي قدمه من الشين أو الجراح فاختلف أصحابنا في تأويله على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة وجمهور البصريين : أنه أراد أكثر الحكومتين من حال الشين بعد اندماله في الانتهاء ، أو قال : الجرح عند سيلان دمه في الابتداء فأيهما كان أكثر فهو القدر المستحق تغليظ لشجاج الرأس على شجاح البدن في غير المقدر كما تغلظ في المقدر .
والوجه الثاني : وهو قول أبي حامد الإسفراييني وطائفة من البغداديين أن مراد الشافعي بأكثر الحكومتين أن يعتبر قدرها في العمق من قدر الموضحة ، فإن كان نصفها اعتبر قدر شينها بعد الاندمال ، فإن نقصت عن نصف الموضحة أوجبت نصف الموضحة وهو الجرح ، لأنه أغلظ من قدر الشين وإن كان قدر شينها زائداً على نصف الموضحة . وبلغ ثلاثة أرباعها أوجبت حكومة الشين وهو ثلاثة أرباع الموضحة ، لأنه أغلظ .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن ما نقص عن المقدر لم يجز أن يجب فيه ما يجب في المقدر ، لأنه يقضي إلى تفاضل الجنايات وتساوي الديات ، وهذا ممتنع .