الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص238
من جعل البازلة شجة زائدة بين الباضعة والمتلاحمة فيجعل ما قبل الموضحة سبعاً .
ثم السمحاق وهي التي تمور جميع اللحم حتى تصل إلى سمحاق الرأس وهي جلدة تغشى عظم الدماغ ، ويسميها أهل المدينة الملطاة ، ومنهم من جعلها بين المتلاحمة والسمحاق فيجعل شجاج ما قبل الموضحة ثمانياً ، ولا أعرف لهذه الملطاة حدا يزيد على المتلاحمة وتنقص عن السمحاق فيصر وسطاً بينهما ، وليس في جميع هذه الشجاج التي قبل الموضحة أرش مقدر بالنص ، وأول الشجاج التي ورد النص بتقدير أرشها الموضحة لأنتهائها إلى حد مقدر فصار أرشها مقدرا كالأطراف ، وإذا لم يتقدر أرش ما قبل الموضحة نصاً فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو الظاهر من نصوص الشافعي ، وقول جمهور أصحابه : أن فيها حكومة يختلف قدرها باختلاف شينها تتقدر بالاجتهاد ولا يصير ما قدره الاجتهاد فيها مقدرا معتبراً في غيرها ، لجواز زيادة الشين ونقصانه ، فإذا أفضى الاجتهاد في حكومة أرشها إلى مقدار ينقص من دية الموضحة على ما سنصفه من صفة الاجتهاد أوجبنا جميعه ، وإن زاد على دية الموضحة أو ساواها لم يحكم بجميعه ونقص من دية الموضحة بحسب ما يؤديه الاجتهاد إليه ، لأن شينها لو كان في موضحة لم يزد على ديتها ، فإذا كان فيما دون الموضحة وجب أن ينقص من ديتها .
فإن قيل : فقد يجب فيما دون النفس أكثر من الدية وإن لم يجب في النفس إلا الدية فهلا وجب فيما دون الموضحة بحسب الشين أكثر مما يجب في الموضحة .
قيل : لأن ما دون الموضحة بعض الموضحة وبعضها لا يكافئها وليست الأطراف بعض النفس ، لأن النفس لا تتبعض فجاز أن يجب فيها أكثر مما يجب في النفس .
والوجه الثاني : وهو محكى عن أبي العباس بن سريج أن أروشها مقدرة بالاجتهاد كما تقدرت الموضحة وما فوقها بالنص ولا يمتنع إثبات المقادير اجتهاداً كما تقدر القلتان بخمسمائة رطل اجتهاداً ، فجعل في الحارصة بعيراً واحداً ، وجعل في الدامية والدامغة بعيرين ، وجعل في الباضعة ، والبازلة ، والمتلاحمة ثلاثة أبعرة ، وجعل في الملطاة ، والسمحاق أربعة أبعرة ، لأنها أقرب الشجاج من الموضحة ، فكان أرشها أقرب الأروش إلى دية الموضحة ، ولما كانت الحارصة أول الشجاج كان فيها أول ما في الموضحة وكان فيما بين الطرفين ما يقتضيه قربة من أحدهما فلذلك رتبه في التقدير على ما ذكره ، وهذا وإن كان مستقراً بالظاهر فاسد من وجهين :
أحدهما : أن ما دخله الاجتهاد بحسب الزيادة والنقصان كان حكمه موقوفاً عليه .
والثاني : أنه لو جاز أن يستقر الاجتهاد فيه بمقدار محدود لا يزاد عليه ولا ينقص