الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص232
موضحتان فإن قال شققتها من رأسي وقال الجاني بل تأكلت من جنايتي فالقول قول المجني عليه مع يمينه لأنهما وجبتا له فلا يبطلهما إلا إقراره أو بينة عليه ‘ .
قال الماوردي : إذا كان في وسط الموضحة حاجز بين طرفها لم يخل ذلك الحاجز من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون جلدة الرأس وما تحتها من اللحم ، فيكون هذا الحاجز فصلاً بينهما فتصير موضحتين ، ويلزمه فيهما ديتان ، سواء صغر الحاجز ودق أو كبر وغلظ .
والقسم الثاني : أن يكون الحاجز بينهما لحما بعد انقطاع الجلد عنه فصار به ما بقي من اللحم بعد انقطاع الجلد حارصة أو متلاحمة فهي موضحة واحدة وليس عليه أكثر من ديتها ، سواء قل اللحم أو كثر ، انكشف عند الاندمال أو لم ينكشف ، وهكذا لو كان ذلك في طرفي الموضحة مع إيضاح وسطها لم يلزمه إلا ديتها ، ودخل حكومة الحارصة والمتلاحمة والسمحاق فيها ، نص عليه الشافعي ، لأنه لو أوضح ما لم يوضحه منها لم يلزمه أكثر من ديتها فبأن لا يلزمه إذا لم يوضحه أولى .
والقسم الثالث : أن يكون الحاجز بينهما هو الجلد بعد انخراق ما تحته من اللحم حتى وضع به العظم فصارت موضحتين في الظاهر وواحدة في الباطن ففيه وجهان :
أحدهما : أنهما موضحتان اعتباراً بالظاهر في الانفصال .
والثاني : أنها موضحة واحدة اعتباراً بالباطن في الاتصال .
أحدهما : أن تنخرق بالسراية التي تآكل بها الحاجز حتى انخرق فتكون موضحة واحدة ، لأن ما حدث عن الجناية من سرائة كان مضافاً إليها والجاني مأخوذ بها .
والضرب الثاني : أن ينخرق الحاجز بقطع قاطع فلا يخلو حال قاطعه من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون هو الجاني يعود فيقطعه فتكون موضحة واحدة ، لأن أفعال الجاني يبني بعضها على بعض ألا ترى أنه لو قطع يديه ورجليه ثم عاد فقتله لم يلزمه إلا دية واحدة ولو قتله غيره لزمه ديتان في اليدين والرجلين .
والقسم الثاني : أن يقطعه المجني عليه فيلزم الجاني موضحتان ، لأن فعل المجني عليه لا يبني على فعل الجاني كما لو قطع الجاني يديه ورجليه وقتل المجني عليه نفسه كان على الجاني ديتان في اليدين والرجلين .