الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص218
بها وفي إجماعهم على سقوط هذا دليل على سقوط ذلك ، ولأن الأموال تضمن كالنفوس ، والعبد يضمن بالقتل كالحر ، ولم يتغلظ ضمان الأموال وقتل العبد بهذه الثلاثة كذلك لا يتغلظ بها ضمان النفوس في الأحرار .
ودليلنا عليه انعقاد الإجماع به .
روي ذلك عن عمر ، وعثمان ، وابن عباس .
فأما عمر فروى ليث عن مجاهد عن عمر بن الخطاب انه قال : من قتل في الحرم ، أو قتل في الأشهر الحرم ، أو قتل ذا رحم فعليه دية وثلث .
وأما عثمان فروى ابن أبي نجيح عن أبيه أن عثمان قضى في دية امرأة قتلت بمكة بستة آلاف درهم وألفي درهم تغليظاً لأجل الحرم .
وفي رواية الشافعي أنه قضى في دية امرأة ديست في الطواف بالبيت فهلكت بثمانية آلاف درهم .
وأما ابن عباس فروي نافع بن جبير أن رجلا قتل في الشهر الحرام في الحرم فقال ابن عباس : الدية اثنا عشر ألفا وأربعة آلاف تغليظاً ، لأجل الحرم ، وأربعة آلاف للشهر الحرام .
وليس لقول لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم مع انتشاره عنهم لأن فيهم إمامين مخالف فثبت أنه إجماع لا يجوز خلافه .
فإن قيل يجوز أن يكون التغليظ الذي أجمعوا عليه هو في العمد المحض أو في عمد الخطأ فلا يكون فيه دليل على تغليظه بهذه الأسباب الثلاثة في الخطأ فعنه جوابان :
أحدهما : أنهم قد نصوا على تغليظها بهذه الأسباب ، ولو كانت في عمد الخطإ لما تغلظت بها .
والثاني : أنه حكم نقل مع سبب فاقتضى أن يكون محمولاً عليه ، كما نقل عن النبي ( ص ) أنه ‘ سهى ‘ فسجد فكان محمولاً على سجوده لأجل السهو ، ولأنه لما كانت هذه الأسباب الثلاثة مخصوصة بتغليظ الحرمة في القتل جاز أن يتغلظ بها حكم القتل .