الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص188
قال الماوردي : والقود في الأذن واجب ، لقوله تعالى ( والأذن بالأذن ) فيأخذ الأذن الكبيرة بالصغيرة ، والغليظة بالدقيقة ، والسمينة بالهزيلة ، والسميعة بالصماء .
وقال مالك : لا أقيد أذن السميع بأذن الأصم ، لنقصها بذهاب السمع ، وهذا فاسد ، لأن محل السمع في الرأس ، والصم يكون إما بسداد منافذه ، وإما لذهابه من محله فلم يكن نقصاً في الأذن وإنما هو نقص في غيرها ، فجرى القود بينهما فيها ، ومنفعة الأذن تجمع الأصوات لتصل إلى السبع ، وتؤخذ الأذن التي لا ثقب فيها بالأذن المثقوبة إذا لم يذهب بالثقب شيء منها ، فإن أذهب الثقب منها شيئا فهي كالأنف إذا أذهب الجذام شيئاً منه ، وكذلك قطع بعضها على ما بيناه في الأنف لتشابهما .
قال الماوردي : أما القصاص في الأسنان فواجب بقوله تعالى : ( والسن بالسن ) [ المائدة : 45 ] .
ولرواية أنس بن مالك أن النبي ( ص ) قال : ‘ في السن القصاص ‘ ولأن فيها منفعة وجمالاً فأشبهت سائر الأعضاء .
فإن قيل : فالسن عظم والعظم لا قصاص فيه .
قيل : السن لانفراده كالأعضاء المنفردة التي يجري القصاص فيها ، وغيره من العظام ممتزج ومستور بما يمنع من مماثلة القصاص فلم يجب فيه القصاص ، فإذا ثبت وجوب القصاص فيه لم يخل حال المجني عليه بقلع سنه من أحد أمرين :
إما أن يكون قد ثغر أو لم يثغر ، والمثغور أن يطرح أسنان اللبن وينبت بعدها أسنان الكبر ، فإن كان مثغوراً قد طرح أسنان اللبن ونبتت أسنان الكبر فقلعت سنة وجب القصاص فيها من مثلها من سن الجاني ، وأسنان الفم إذا تكاملت أثنان وثلاثون سناً ، منها أربع ثنايا ، واربع رباعيات ، وأربعة أنياب ، وأربعة ضواحك ، واثني عشر ضرساً وهي الطواحن ، وأربعة نواجذ وهي أواخر أسنان الفم ، فتؤخذ الثنية بالثنية ، ولا تؤخذ ثنية برباعية ، ولا ناب بضاحك ، كما لا يؤخذ إبهام بخنصر ، وتؤخذ اليمنى باليمنى ولا تؤخذ يمنى بيسرى وتؤخذ العليا بالعليا ولا تؤخذ عليا بسفلى ، وتؤخذ السن الكبيرة بالصغيرة ، والقوية بالضعيفة ، كما تؤخذ اليد الصحيحة بالمريضة ، لأن