الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص176
ما قدمناه من اختلاف أصحابنا ، فيكون على قول ابن أبي هريرة على قولين ، وعند أبي إسحاق المروزي : لا قود عليه ، قولاً واحداً ، وعليه نصف الدية ، وهكذا لو أن المجروح خاط جرحه فمات فإن خاطه في لحم ميت فالجارح هو القاتل وعليه القود في النفس أو جميع الدية ، وإن خاطه في لحم حي كان الجارح أحد القاتلين وكان وجوب القود على ما ذكرناه من اختلاف أصحابنا في القولين .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن السليمة لا تقاد بالشلاء ، ويجوز أن تقاد الشلاء بالسليمة ، فإذا قطع كفا فيها إصبعان شلاوان فلا تخلو كف القاطع من أن تكون سليمة أو فيها شلل فإن كانت سليمة فلا قصاص عليه في كفه وإن بذلها ، لأن سلامة ما قابل الأشل يوجب سقوط القصاص عنه ، ومن سقط القصاص عنه لم يقتص منه وإن رضى لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان سقوط القود عن الأب بالابن وعن الحر بالعبد يمنع من القود مع رضا الأب والحر كذلك يمنع منه مع رضا السليم بالأشل .
والثاني : أن سقوط القود في السليم عن الجاني قد أجب المال أرشاً في الأشل من المجني عليه فصار كالدين المستحق ، ولو بذل من عليه الدين أن يؤخذ به شيء من أعضائه لم يجز ، كذلك هنا وإذا سقط القصاص من السليم المقابل للأشل لم يسقط من السليم المقابل للسليم فيقال للمجني عليه أنت بالخيار بين القصاص أو الدية ، فإن طلب الدية وعفا عن القصاص أعطى دية ثلاثة أصابع ثلاثين بعيرا يدخل فيها حكومة ما تحتها من الكف ، وأعطى حكومة إصبعين شلاوين لا يبلغ بهادية إصبعين سليمتين ، ويدخل في حكومتهما حكومة ما تحتهما من الكف ، وإن أراد القصاص اقتص من ثلاثة أصابع من كف الجاني المماثلة للسليمة من كف المجني عليه ، وأخذ منه حكومة في الإصبعين الشلاوين يدخل فيهما حكومة ما تحتهما من الكف ، وهل يدخل في القصاص في الأصابع الثلاث حكومة ما تحتهما من الكف ؟ على وجهين ذكرناهما من قبل :
أحدهما : تدخل حكومتها في القصاص كما تدخل حكومتها في الدية .
والوجه الثاني : وهو منصوص الشافعي لا تدخل حكومتها في القصاص ، لبقائها