الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص169
أحدهما : يؤخذ منه ديات الأطراف وإن كانت أربعا فوق دية النفس [ اعتبارا بحال الجناية كالقود .
والثاني : حكاه عن أبي إسحاق المروزي أنه لا يؤخذ منه أكثر من دية النفس ] لجواز السراية إليها فلا يجب أكثر منها فلا يؤخذ ما يجوز أن يسترجع ، فعلى هذا القول قد بطل أصل القياس للتسوية بين الدية والقود في استيفائهما قبل الاندمال .
والقول الثاني : وهو الصحيح المنصوص عليه في جميع كتبه والمعمول عليه عند سائر أصحابنا أنه لا يجوز أخذ الدية قبل الاندمال وإن كان القود قبله .
والفرق بينهما : أن القود لا يسقط بما حدث بعد الجناية من اندمال أو سراية ، فجاز أن يستوفي قبل استقرارها ، ودية الطرف لا تستقر إلا بعد الاندمال ، لأنه إن قطع إصبعا أرشها عشر الدية فقد يجوز أن يشاركه في قتل المجني عليه مائة نفس ، فلا يلزم كل واحد من الجماعة من الدية إلا عشر عشرها فيحتاج إلى أن يرد على قاطع الإصبع الزيادة عليه فافترقا .
فإن قيل : فقد يجوز أن يحدث في القود مثله ، لأنه قد يجوز أن يشركه قبل اندمال الإصبع خاطئ فتسرى الجنايتان إلى نفسه فيسقط القود على العامد . قيل : إنما يسقط القود عن العامد في النفس إذا شاركه خاطئ بخروج النفس بعمده وخطئه ، فأما الطرف الذي تفرد العامد بأخذه فلا يسقط القود فيه بمشاركة الخاطئ له في النفس ، وصار القود في الطرف محتوم الاستحقاق .
وأما الجواب عن قولهم : ‘ إن هذا يفضى عند السرايتين إلى السلف في القصاص فهو أن تقول : لا تخلو السرايتان بعد الجناية والقصاص من أن تتقدم سراية الجناية أو سراية القصاص ، فإن تقدمت سراية الجناية على سراية القصاص [ فقد استوفى بسراية القصاص ما وجب في سراية الجناية من القصاص ، وإن تقدمت سراية القصاص على سراية الجناية ففيه وجهان :
أحدهما : وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي أنها تكون قصاصاً وإن تقدمت على سراية الجناية ] فلا يكون ذلك سلفا لحدوثها عن قصاص قد استوفى بعد استحقاقه ، والسلف أن يقول : اقطع يدي ليكون قصاصاً من سراية الجناية لتقدمها عليه .