الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص167
الباقي من دية كفه ففي وجوب القصاص في النفس وجهان بناء على اختلاف أصحابنا في دية السراية إلى الكف هل يكون دية عمد أو خطأ ؟
أحد الوجهين : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنها دية خطأ ، فعلى هذا لا قود في السراية إلى النفس ، ويعدل إلى استكمال الدية ليأخذ تسعين من الإبل لاقتصاصه من إصبع ديتها عشر من الإبل ، وعلى هذا لو سرى القصاص من الجاني إلى نفسه لم تسقط عنه الدية . والوجه الثاني : وهو مقتضى قول أبي علي بن أبي هريرة ، وقول أبي حامد الإسفراييني أنها دية عمد ، فعلى هذا يستحق القصاص في النفس إلا أن يعفو إلى الدية فيعطاها إلى دية إصبع ، وعلى هذا لو سرى القصاص من إصبع الجاني إلى نفسه كانت سرايته قصاصاً ، لأن سراية جنايته موجبة للقصاص والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال : يجوز القصاص في الأطراف قبل اندمالها .
وقال أبو حنيفة ، ومالك والمزني : لا يجوز أن يقتص من طرف أو جرح حتى يندمل أو يسري إلى النفس ، وبناه أبو حنيفة على أصله الذي تقدم فيه الكلام معه من أن سرايته إلى ما دون النفس موجبة لسقوط القود فيه ، احتجاجاً برواية ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر أن رجلاً جرح فأراد أن يستقيد فنهى رسول الله ( ص ) أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح .
وروى يزيد بن عياض عن أبي الزبير عن جابر أن النبي ( ص ) قال : ‘ يتسانا بالجراحات سنة ، ولأن القود أحد البدلين فلم يجز استيفاؤه قبل استقرار الجناية كالدية ، ولأن القود من الطرف قبل استقرار الجناية قد يجوز أن يسري إلى نفس الجاني قبل سرايته إلى نفس المجني عليه ، فإن جعلتموه قصاصاً في النفس كان سالفاً في قتل قبل استحقاقه وذلك غير جائز قصاصاً [ إن أخذتم الدية كنتم قد جمعتم بين القصاص والدية وذلك غير جائز ] .