الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص156
قال الماوردي : قد ذكرنا أن ما تقدم موضحة الرأس من الشجاج الستة وهي : الحارصة ، والدامية ، والدامغة ، والباضعة ، والمتلاحمة والسمحاق ، لا قصاص فيها ، لأمرين :
أحدهما : أن مورها في اللحم وقصورها عن حد العظم يمنع من التماثل لعدم الغاية فيه كالجائفة .
والثاني : أن إثبات القصاص فيما دون الموضحة ينقص إلى أن يصير الاقتصاص منها موضحة لاختلاف الحلقة في جلدة الرأس لأنها تغلظ من قوم وترق من أخرين ولا بد في الاقتصاص من تقدير عمقها حتى لا يتجاوز ، وقد يكون عمقها من رأس المشجوج يبلغ إلى الموضحة من رأس الشاج ، فنكون قد اقتصصنا من المتلاحمة بالموضحة وهذا غير جائز ، فلهذين المعنيين سقط القصاص فيما دون الموضحة ، هذا مذهب الشافعي ، ومقتضى أصوله ، وما نص عليه في كتاب ‘ الأم ‘ وغيره ، وقال في كتاب ‘ حرملة ‘ : لأن ذلك في لحم ، غير أن المزني نقل عنه في هذا الموضع : ‘ ولو جرحه فلم يوضحه اقتص منه بقدر ما شق من الموضحة ‘ ، وظاهر هذا يقتضي وجوب القصاص فيما دون الموضحة ، فاختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه وهم من المزني في نقله ، لأن الشافعي لم يذكره في شيء من كتبه ، وهذا لا وجه له لأن المزني أضبط من نقل عن الشافعي وأثبتهم رواية .
والوجه الثاني : أن هذا محمول على قول ثان ، فيكون القصاص فيما دون الموضحة على قولين .
والوجه الثالث : أنه ليس بقول ثان بخلاف نصه في جميع كتبه ، وإنما هو محمول على استيفائه [ إذا أمكن ، وهذا قول أبي إسحاق المروزي ، وأبي علي بن أبي هريرة وأكثر أصحابنا ، فإن لم يكن فلا قصاص ، وليس يمكن استيفاء ] القصاص منه إلا على وجه واحد ، وهو أن يكون الشاج قد جرح المشجوج موضحة ومتلاحمة فينظر عمق الموضحة من رأس المشجوج وعمق المتلاحمة ، فإذا كان عمق الموضحة أنملة وعمق المتلاحمة نصف أنملة علم أن المتلاحمة من رأسه هي نصف موضحة ، فيقتص من رأس الشاج موضحة وينظر عمقها فإن كان أنملة فقد استوفى في عمق جلدة الرأس ، فإذا أردنا الاقتصاص من المتلاحمة بعد الموضحة [ اقتص إلى نصف أنملة من جلد رأسه ، وإن كان رأس الشاج أرق جلداً ولحماً وكان عمق موضحته ] نصف أنملة