الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص152
وعرضها ، ويخط عليه بسواد أو حمرة ، ويبضع القصاص بالموسى ، ولم يضرب بالسيف وإن كان الجاني شج بالسيف ؛ لأن ضرب السيف ربما هشم ولا يستوفيه المشجوج بنفسه ويستنيب فيه من يؤمن تعديه ، فإن لم يستنب ندب الأمام مأموماً ينوب عنه في استيفائه .
فإن كانت في بعضه اقتص بقدرها في محلها من رأس الشاج ، وإن كانت في جميعه قد أخذت طولاً ما بين الجبهة والقفا ، وأخذت عرضا ما بين الأذنين ، لم يخل رأس الشاج والمشجوج من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يتماثل رأساهما في الطول والعرض ، فاستيعاب القصاص ممكن ، فإذا كانت طولا ما بين الجبهة والقفا اقتص من الشاج طول رأسه من جبهته إلى قفاه ، واختلف أصحابنا في هذه القصاص على وجهين :
أحدهما : أنه يبدأ به من الموضع الذي بدأ به الجاني ، إما من ناحية الجبهة أو القفا ليماثل في الابتداء كما يماثل في الاستيفاء ، فإن أشكل رجع إلى الجاني دون المجني عليه .
والوجه الثاني : وهو أصح وبه قال جمهور أصحابنا : أن المستوفى له القصاص مخير في الابتداء بأي الموضعين شاء ، لأن له أن يقتص من بعضها في أي الموضعين شاء .
والقسم الثاني : أن يكون رأس المشجوج أصغر من رأس الشاج ، فيستوفي بمقدارها من رأس الشاج ، ويترك له باقي رأسه بعد استيفاء مقدار رأس المشجوج .
مثاله : أن يكون طول رأس الشاج عشرين إصبعاً ، وطول رأس المشجوج خمسة عشر إصبعاً ، فيقتص من رأس الشاج قدر خمسة عشر إصبعاً ويبقى من رأسه مقدار خمس أصابع لا قصاص عليه فيها ، لفضلها بعد استيفاء القصاص ، ويكون محل هذا المتروك بناء على ما قدمناه من الوجهين في الابتداء بموضع القصاص .
فإن قيل : بالوجه الأول أنه يبدأ في القصاص بالموضع بداية الجاني نظر ، فإن بدأ بمقدم الرأس كان المتروك من مؤخره ، وإن بدأ بمؤخره كان المتروك من مقدمه .
وإن قيل : بالوجه الثاني الذي هو أصح أن المقتص له مخير في الابتداء بأي الموضعين شاء كان بالخيار بين ثلاثة أحوال :