الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص151
وليس فيما قبل الموضحة قصاص ولا أرش مقدر ، وفيها حكومة على ما سنذكره فيما بعد ، وليس فيما بعد الموضحة قصاص ، وفيها أرش مقدر إلا المفرشة على قول من زادها ففي الزيادة على الموضحة منها حكومة غير مقدرة .
فأما الموضحة فيجتمع فيها القصاص إن شاء والأرش المقدر إن عدل إليه على ما سنذكره ، فصارت الشجاج منقسمة على هذه الأقسام الثلاثة :
قسم لا قصاص فيه ولا يتقدر أرشه ، وهو ما قبل الموضحة ، ويجب فيه حكومة على ما سنذكره من حكمها .
وقسم لا يجب فيه القصاص ويتقدر أرشه وهو بعد الموضحة فيجب في الهاشمة عشر من الإبل ، وفي المنقلة خمسة عشر بعيراً ، وفي المأمومة ثلث الدية ، ثلاثة وثلاثون بعيراً وثلث ، وكذلك في الدامغة ، وكتاب أبي العباس بن سريج يجعل الدامغة والمأمومة سواء ، ويجعلها الدامغة غير معممة وهي الثالثة التي تلي الدامية ، ولقوله وجه ، لأنها لو زادت على المأمومة لزادت على أرشها .
وقسم يجب فيه القصاص ويتقدر أرشه وهو الموضحة يجب فيها خمس من الإبل .
أحدها : موضعها من رأسه هل هي في مقدمة ، أو مؤخرة ، أو عن يمينه ، أو عن يساره وفي يافوخه أو في هامته ، أو قرعته ، لاستحقاق المماثلة في محلها ، فلا يؤخذ مقدم بمؤخر ولا مؤخر بمقدم ولا يمنى بيسرى ، كما لا يؤخذ يمنى اليدين يسراها .
والثاني : أن يقدر ما بين طرفيها طولاً لئلا يزاد عليها أو ينقص منها ، لأن الزيادة عليها عدوان والنقص منها بخس .
والثالث : أن يقدر ما بين جانبيها عرضاً لأنه قد يوضح بالشي الغليظ فتعوض الموضحة ويوضع بالشيء الدقيق فيقل عرضها فيعتبر من موضحه المشجوج لهذه الأمور الثلاثة ، ولا يعتبر عمقها ، لأن المقصود في الموضحة الوصول إلى العظم فسقط اعتبار العمق ، لأنه قد تغلظ جلدة الرأس من بعض الناس وترق من آخر ، فصار عتق الرأس في سقوط اعتباره جارياً مجرى مساحة الأطراف التي لا تعتبر في القصاص ، ثم يعدل بعد ذلك إلى الشجاج فيحلق شعر رأسه ، سواء كان المشجوج أشعر أو محلوقا ، لأن المماثلة في استيفاء القصاص لا تتحقق إلا بمعرفة موضعها عن رأس المقتص منه ، فيعلم في رأس الشاج ما قدمنا اعتباره من رأس المشجوج ، وهو موضعها ، وطولها ،