الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص148
قال الماوردي : قد مضى القصاص في النفس وهو فيما دون النفس واجب كوجوبه في النفس ، لقول الله تعالى ( ولكم في القصاص حياة ) [ البقرة : 194 ] ولقوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة : 194 ] ولقوله تعالى : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) [ المائدة : 45 ] فجمعت هذه الآية عموم القصاص فيما استحق من الوجوه الثلاث ، وهي القصاص في النفس والقصاص في الأطراف ، والقصاص في الجروح ، ولا قصاص فيما عداهما ، وهي ضربان :
أحدهما : ما أوجب الأرش دون القصاص إما بمقدر كالجائفة أو بغير مقدر كالحارضة .
والضرب الثاني : ما لا يوجب أرشاً ولا قصاصاً كالضرب الذي لا أثر له في الجسد فصارت الجنايات على خمسة أقسام ، يجب القصاص منها في ثلاثة ، والأرش في أربع ، والعفو عنه في الخامس ، وفيه يستحق التعزير أدباً .
فإذا ثبتت هذه الجملة فالمكافأة في القصاص على ضربين :
أحدهما : في الأحكام .
والثاني : في الأوصاف .
فأما المكافأة في الأحكام فهو اعتبار التكافؤ في الحرية والإسلام ، فهذا معتبر في جميع ما يجب فيه القود من الأقسام في النفوس والأطراف والجراح ، فإذا منع الرق والكفر من القصاص في النفس منع منه في الأطراف والجراح ، فلا يؤخذ طرف حر ولا مسلم بطرف عبد ولا كافر وكذلك في الجراح . وأما المكافأة في الأوصاف فتنقسم ثلاثة أقسام :