پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص129

والدليل على أن شريك الخاطئ لا يقتل قول النبي ( ص ) ‘ ألا إن في قتيل العمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل مغلظة ‘ وهذا القتيل قد اجتمع فيه عمد وخطأ ، فوجب أن يستحق فيه الدية دون القود ، ولأنها نفس خرجت بعدم وخطأ ، فوجب أن يسقط فيه القود ، كما لو جرحه الواحد عمداً وجرحه خطأ ؟ ولأنه إذا اجتمع في النفس موجب ومسقط يغلب حكم المسقط على حكم الموجب ، كالحر إذا قتل من نصفه مملوك ونصفه حر ، ولأن سقوط القود في الخطأ يجري في حق القاتل مجرى عفو بعض الأولياء ، وسقوطه عن الأب يجري مجرى العفو عن أحد القاتلين ، وعفو بعض الأولياء يوجب سقوط القود في حق من بقي من الأولياء والعفو عن أحد القتلة لا يوجب سقوط القود عمن بقي من القتلة ، وهذا دليل وانفصال عن جميعه بين الأمرين :

وقوله : ‘ لو تعدى الخطأ إلى العمد لتعدى العمد إلى الخطأ ‘ فهو خطأ بما ذكرناه ، وأن اجتماع الإيجاب والإسقاط يقتضي تغليب حكم الإسقاط على الإيجاب .

وقوله : ‘ لما لم يتغير حكم الدية لم يتغير حكم القود ‘ ليس بصحيح ، لأن الدية تتبعض والقود لا يتبعض .

فإذا ثبت سقوط القود عن العامد لسقوطه عن الخاطئ فعلى العامد نصف الدية مغلظة حالة في ماله ، وعلى عاقلة الخاطئ نصف الدية مخففة إلى أجلها .

( فصل )

وأما أبو حنيفة فاستدل على أن شريك الأب لا يقتل بأنه شارك من لم يجب عليه القود ، فوجب أن يسقط عنه القود كشريك الخاطئ ، ولأن مشاركة الأب كمشاركة المقتول ثم ثبت أن المقتول لو شارك قاتله لسقط عنه القود ، كذلك الأب إذا شارك الأجنبي وجب أن يسقط عنه القود .

والدليل على أن شريك الأب يقتل عموم قوله تعالى ( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا ) [ الإسراء : 33 ] ولأنها نفس مضمونة خرجت بعمد محض ، فلم يكن سقوط القود عن أحد القاتلين موجباً لسقوطه عن الآخر ، كالعفو عن أحدهما لا يوجب سقوط القود عنهما ، ولأنه لما لم يتغير حكم الأب بمشاركة الأجنبي في وجوب القود عليه لم يتغير حكم الأجنبي بمشاركة الأب في سقوط القود عنه .

فأما الجواب عن قياسه على الخاطئ فهو أن سقوطه عن الخاطئ لمعنى في فعله ، وقد امتزج الفعلان في السراية فلم يتميزا ، وسقوطه عن الأب لمعنى في نفسه وقد تميز القاتلان فلم يستويا ، وجمعه بين شركة الأب وشركة المقتول ففيه قولان :

أحدهما : أن شريك المقتول يقتل ، فعلى هذا يسقط الاستدلال .