پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص128

والقسم الثاني : أن يكون كل واحد منهما لو انفرد بقتله لم يجب عليه القود ، كحرين قتلاً عبداً ، أو مسلمين قتلا كافراً ، فلا قود عليهما إذا اشتركا لسقوط القود عن كل واحد منهما إذا انفرد .

والقسم الثالث : أن يجب القود على أحدهما لو انفرد ، ولا يجب على الآخر إذا انفرد ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يكون سقوط القود عنه لو انفرد لمعنى في نفسه ، كالأب إذا شارك أجنبيا في قتل ولده ، وكالحر إذا شارك عبداً في قتل عبده ، وكالمسلم إذا شارك كافراً في قتل كافر ، فيسقط القود عنه لمعنى في نفسه لا في فعله .

والضرب الثاني : أن يكون سقوط القود عنه لو انفرد لمعنى في فعله كالخاطئ إذا شارك عاملاً في القتل أو تعمد الخطأ إذا شارك عمداً محضاً فيسقط القود عنه لمعنى في فعله لا في نفسه ، فاختلف الفقهاء في شريك من سقط عنه القود بأحد هذين الضربين ، هل توجب الشركة سقوط القود عنه بسقوطها عن شريكه أم لا ؟ على ثلاثة مذاهب :

أحدها : وهو مذهب مالك ، أنه لا يسقط القود عنه بسقوطه عن شريكه ، سواء كان سقوط القود عنه لمعنى في نفسه كالأب إذا شارك أجنبياً ، أو لمعنى في فعله كالخاطئ إذا شارك عامداً .

والثاني : وهو مذهب أبي حنيفة أنه يسقط القود عنه لسقوطه عن شريكه ، سواء سقط القود عنه لمعنى في نفسه كالأب إذا شارك اجنبياً ، أو لمعنى في فعله كالخاطئ إذا شارك عامداً .

والثالث : وهو مذهب الشافعي أنه إذا شارك من سقط القود عنه لمعنى في نفسه كالأب إذا شارك أجنبيا لم يسقط القود عن الأجنبي ، وإن شارك من سقط عنه القود لمعنى في فعله كالخاطئ إذا شارك عامداً لم يجب القود على العامد ، فصار الخلاف مع مالك في شريك الخاطئ ، عنده يقتل ، وعند الشافعي لا يقتل ، ومع أبي حنيفة في شريك الأب عند أبي حنيفة لا يقتل ، وعند الشافعي يقتل .

فأما مالك فاستدل على أن شريك الخاطئ يقتل ، بأن كل من وجب عليه القود إذا انفرد وجب عليه القود إذا شارك فمن ليس عليه قود ، كشريك الأب ، ولأنه لو جاز أن يتعدى حكم الخاطئ إلى العامد في سقوط القود لجاز أن يتعدى حكم العامد إلى الخاطئ في وجوب القود ، ولأنه لما لم يتغير حكم الدية بمشاركة الخاطئ لم يتغير بها حكم القود .