پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص120

وأما الجواب عن قياسهم على قتل العبد والمحارب ، فإن جعل الأصل فيه العبد .

فالجواب عنه أنه لما تداخلت جنايات خطئه تداخلت جنايات عمده ، وإن جعل الأصل قتل المحارب فقد اختلف أصحابنا في تداخل جنايته فذهب ابن سريج إلى أنها لا تتداخل ، ويتحتم قتله بالأول ، ويؤخذ من ماله ديات الباقين ، وذهب جمهورهم إلى تداخلها ، لأنها صارت بانحتام قتله من حقوق الله تعالى ، وحقوقه تتداخل وإذا قيل في غير الحرابة لم ينحتم قتله ، فكان من حقوق الآدميين وحقوقهم لا تتداخل وكذا الجواب عن قياسهم على الحدود وقياسهم على غرماء المفلس .

فالجواب عنه أنه لم يبق لغرماء المفلس عين يستوفون حقوقهم منها ، فاستهموا في الموجود منها . ولو كان القاتل مفلساً لكان الأولياء معه بمثابتهم وإذا فارق المفلس يساره وجد الأولياء سبيلاً إلى استيفاء حقوقهم ، فافترق الجمعان .

( فصل )

فإذا ثبت أن قاتل الجماعة يقتل بأحدهم لم يخل حال قتله لجماعتهم من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يقتلهم واحداً بعد واحد .

والثاني : أن يقتلهم في دفعة واحدة .

والثالث : أن يشكل حال قتله لهم ومن يقدم قتله منهم .

فأما القسم الأول : وهو أن يقتلهم واحداً بعد واحد فأحقهم بالاقتصاص منه ولي الأول ، فلا يخاطب أولياء الباقين إلا بعد عرض القصاص على الأول ، فإن طلبه اقتص منه للأول وكان في ماله ديات الباقين ، فإن اتسع ماله لجميع دياتهم استوفوها وإن ضاق عنها استهموا فيها بالحصص ، وصار المتقدمون والمتأخرون فيها أسوة ، وإنما تقدم الأسبق في القصاص ، ولم يتقدم في الدية ، لأن محل الدية في الذمة ، وهي تتسع لجميعها ، فشارك المتأخر الأسبق لاشتراكهما في الذمة ، ومحل القود الرقبة ، وهي تضيق عن اقتصاص الجماعة ولا يتسع إلا لواحد ، فيقدم الأسبق بها على المتأخر ، فإن عفا الأول عن القصاص إلى الدية عرض القصاص على الثاني ، فإن استوفاه رجع الأول ومن بعد الثاني بدياتهم في مال القاتل ، وإن عفا الثاني عن القصاص إلى الدية عرض القصاص على الثالث ، ثم على هذا القياس في واحد بعد واحد إلى آخرهم ، فلو عمد الإمام فقتله للأخير فقد أساء وأثم إن علم بتقدم غيره ، ولا يأثم إن لم يعلم ولا ضمان عليه في الحالين ، وهكذا لو بادر ولي الأخير فقتله قصاصاً لم يضمنه ، وعزر عليه ورجع الباقون بدياتهم في مال القاتل ، ولو كان ولي الأول صغيراً أو مجنوناً أو غائباً