الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص111
لافتراقهما في الحرمة واختلافهما في الحكم ، فإن وصل بالضربة الواحدة إلى محل التوجئة اقتصر عليها ولم يزد ، وإن لم تصل إلى محل التوجئة ضربه ثانية ، فإن لم تصل الثانية لم يخل من أحد أمرين :
إما أن يكون من كلال سيفه فيعطى غيره من السيوف الصارمة وإما أن يكون من ضعف يده ، فيعدل إلى غيره من ذوي القوة .
أحدهما : أن يقع في موضع لا يجوز الغلط في مثله كضربه لرجله أو ظهره أو بطنه ، فيعزر لتعديه ، ولا تقبل دعوى الغلط فيه ، ولا يحلف عليه لاستحالة صدقه ، واليمين تدخل فيما احتمل الصدق ولا قود عليه فيما قطع أو جرح ، ولا غرم لأرش ولا دية ؛ لأنه قد ملك إتلاف نفسه ، وإن تعدى بالسيف في غير محله .
والضرب الثاني : أن يقع السيف في موضع يجوز الغلط بمثله كأعلى الكتف وأسفل الرأس سئل ، فإن قال : عمدت عزر ومنع وإن قال : أخطأت أحلف على الخطأ لإمكانه ولم يعزر ولم يمنع من القصاص ، فإن تاب بعد عمده وأراد العود إلى القصاص فقد قال الشافعي هاهنا ما يدل على سقوط حقه من الاستيفاء بقوله : ‘ وأجبره الحاكم على أن يأمر من يحسن ضرب العنق ‘ ليوجيه ‘ يريد به الاستتابة فيه .
وقال في كتاب ‘ الأم ‘ يمكنه الحاكم من الاستيفاء فاختلف أصحابنا في اختلاف هذين النصين ، فخرجه البصريون على اختلاف قولين ، وخرجه أبو حامد الإسفراييني على اختلاف حالين فالمنع محمول على أنه بان للحاكم أنه لا يحسن القصاص ، والتمكين محمول على أنه يحسن القصاص .
الإماتة ، وشروط الاستيفاء فلو بادر الولي وقد عدم شروط الاستيفاء فاقتص بنفسه من النفس والأطراف لم يضمن قوداً ولا دية ، لأنه استوفى ما استحق ويعزره الحاكم لافتياته . ولو كان الولي من أهل الاستيفاء فامتنع من استيفائه بنفسه لم يجبر عليه وجاز أن يستنيب فيه ، فإن استناب وإلا اختار له الحاكم من ينوب عنه في مباشرة الاستيفاء ، فإن لم يستوفه النائب إلا بأجرة أعطى أجرته من بيت المال ، لأنه من المصالح العامة ، وإن لم يكن في بيت المال ما يعطاه كانت أجرته في مال المقتص منه