الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص109
قال الماوردي : ما أوجب القصاص من الجنايات ضربان : طرف ، ونفس .
فأما الطرف فلا يمكن مستحق القصاص من استيفائه بنفسه ، لما يخاف من تعديه إلى ما لا يمكن استدراكه ، وأما النفس فيجوز للولي أن يتولى استيفاء القود منها بنفسه إذا قدر على مباشرته للآية ولقول النبي ( ص ) ‘ فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ‘ وكما يستوفي جميع حقوقه بنفسه ، ولأن القود موضوع للتشفي فكانت المباشرة فيه أشفى ، وإذا كان كذلك فاستيفاؤه للقود معتبر بستة شروط :
أحدها : أن يحكم به الحاكم ليميز العمد المحض من عمد الخطأ ، وليتعين بالحكم ما اختلف فيه الفقهاء ، ولئلا يتسرع الناس إلى استباحة الدماء .
والشرط الثاني : أن يكون مستوفيه رجلاً فإن كانت امرأة منعت ، لما فيه من بذلتها وظهور عورتها .
والشرط الثالث : أن يكون ثابت النفس عند مباشرة القتل ، فإن ضعفت منع .
والشرط الرابع : أن يعرف القود ويحسن إصابة المفصل ، فإن لم يحسن منع .
والشرط الخامس : أن يكون قوي اليد نافذ الضربة ، فإن ضعفت يده لشلل أو مرض منع .
فإذا تكاملت فيه هذه الشروط الخمسة وصار بها من أهل الاستيفاء لم يخل حال الولي أن يكون واحداً أو عدداً ، فإن كان واحداً قام باستيائه ، وإن كانوا عدداً خرج منهم من لم يتكامل فيه شروط الاستيفاء ولم يجز أن يشترك الباقون فيه حتى يتولاه أحدهم ، فإن سلموه لأحدهم كان أحقهم به وإن تنازعوا فيه أقرع بينهم ، فمن قرع كان أحقهم باستيفائه ، فإذا تعين الاستيفاء لواحد منهم اعتبر في استيفائه عشرة أشياء :