الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص75
فأما الخبر فمحمول على ما اختص بحقوق الله تعالى دون حقوق الآدميين ، وقياسهم على قتله دفعا عن نفسه منتقض بأكله من الجوع ، ثم المعنى في المدفوع أنه قد أباح نفسه بالطلب فصار مقتولاً بحق ، وهذا مقتول بظلم ، فافترقا .
وقياسهم على الإكراه اختلف أصحابنا في صحة الإكراه عليه فذهب بعضهم إلى استحالته لأن إيلاج الذكر لا يكون إلا مع انتشاره ، وانتشار الذكر ، وإنزال مائه لا يكون إلا مع قوة الشهوة المنافية للإكراه فاستحال فيه الإكراه .
وذهب آخرون منهم إلى صحة الإكراه ، فيه لأن انتشار الذكر قد يكون من الطبع المحرك الذي لا يقدر على دفعه عن نفسه ، وهو مؤاخذ بفعل نفسه لا بما ركبه الله تعالى في طبعه ، فعلى هذا يكون المعنى في سقوط الحد بالإكراه اختصاصه بحقوق الله تعالى ، والقتل بحقوق الآدميين ، فافترقا وقولهم : إن الإكراه قد نقل حكم المباشرة عن المأمور إلى الآمر فليس بصحيح ، بل تعدى عن المأمور إلى الآمر ، والفعل إذا تعدى حكمه إلى غير الفاعل كان أولى أن يؤاخذ به الفاعل ، لأن تعدية لفضل قوته .
وجمعهم بين المكره والحاكم إلجاء غير صحيح ، لأن من قتله الحاكم بالشهادة قد كان واجباً عليه لا يسوغ له تركه فلم يؤاخذ بالقود ، ومن قتله المكره مظلوم ، والقاتل فيه مأثوم فوجب القود عليه ، لأنهما لما افترقا في جواز القتل افترقا في وجوب القود .
واختلف أصحابنا في الإكراه على القتل بماذا يكون على وجهين :
أحدهما : أنه يكون بكل ما كرهته النفس وشق عليها من قتل ، أو ضرب ، أو حبس أو أخذ مال ، كالإكراه في الطلاق والبيع على ما قدمناه .