الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص509
ثقات النساء أو ذوي الأرحام المحارم من تنتفي به التهمة عنهما ، فإذا برأت انصرفت الأم إلى منزلها ، وإن ماتت أقامت الأم لمواراتها حتى تدفن ، وليس الأب أن يمنعها من البكاء عليها ، وله أن يمنعها من النياحة واللطم ، ويمنعها من اتباع جنازتها في حق الله تعالى وحقه ، ويمنعها من زيارة قبرها إن دفنت في ملكه ، فإن دفنت في غير ملكه منعها من الزيادة في حق الله تعالى دون حقه لقول النبي ( ص ) : ‘ لعن الله زورات القبور ‘ .
قال الماوردي : وهذا قد مضى في شروط التخيير ، لأن المخبول لعجزه عن القيام بنفسه ، وفقد تمييزه يكون كالصغير ، فصارت الأم به أحق ، كالمحضون سواء كان ابناً أو بنتاً ، هكذا لو طال الخبل والجنون عليهما بعد الصحة والبلوغ كانت الأم أحق بكفالتهما من الأب ، فإن كان للمخبول والمجنون زوجة أو كان للمخبولة والمجنونة ، زوجا ، كان الزوج والزوجة أحق بكفالتهما من الأب والأم ، لأنه لا عورة بينهما ولوفور السكون إلى كل واحد منهما ، ولو كان للمخبول أم ولد كان الأم أحق بكفالته من أم ولده لأن ثبوت الرق يمنع من استعلاء يدها ، لكن تقوم بخدمته ، وتقوم الأم بكفالته .
قال الماوردي : لأن تخيير الولد حق له لا عليه يقف على شهوته والميل إلى مصلحته ، فإذا اختار أحد أبويه ثم عدل إلى اختيار الآخر حول إليه ، فإن رجع إلى اختيار الأول أعيد إليه على هذا أبداً ، كلما اختار واحد بعد واحد حول إليه لوقوفه على شهوته ، ولأنه ربما حدث من تقصير من اختاره ما يبعثه عن الانتقال عنه .