الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص465
فأما الرجعية فلها السكنى ، والنفقة إلى انقضاء عدتها حاملاً كانت أو حائلا ، وهذا إجماع .
وأما المبتوتة إما بالخلع أو بالطلاق الثلاث ، فإن كانت حاملاً فلها السكنى والنفقة لقوله تعالى ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) [ الطلاق : 6 ] وإن كانت حائلا فقد اختلف الفقهاء في وجوب السكنى والنفقة لها على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب أحمد بن حنبل لا سكنى لها ولا نفقة .
والثاني : هو مذهب أبي حنيفة أن لها السكنى والنفقة . وبه قال من الصحابة عمر وابن مسعود رضي الله عنهما .
والثالث : وهو مذهب الشافعي لها السكنى وليس لها النفقة ، وبه قال من ال الصحابة ابن عباس ، ومن الفقهاء مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى .
فأما وجوب السكنى فقد مضى الكلام فيه مع أحمد في كتاب العدد .
وأما النفقة فاستدل أبو حنيفة على وجوب النفقة لها بقوله تعالى ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ) [ الطلاق : 6 ] وفي الامتناع من النفقة ضرار قد نهى عنه فدل على وجوبها لها .
وروى حماد بن أبي سليمان عن النخعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما بلغه أن فاطمة بنت قيس قالت : ما جعل لي رسول الله ( ص ) سكنى ولا نفقة ، قال عمر : لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لعلمها غلطت أو نسيت سمعت النبي ( ص ) يقول : ‘ لها السكنى والنفقة ‘ وهذا نص .
قالوا : ولأنها معتدة عن طلاق فوجب أن تكون لها النفقة كالرجعية ، قالوا : ولانها محبوسة عن الأزواج لحقه فوجب أن تكون لها النفقة كالزوجة ، قالوا : ولأنه حق يتكرر وجوبه في حال الزوجية فوجب أن لا يسقط بالبينونة كالسكنى .
ودليلنا قول الله تعالى ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن ) [ الطلاق : 6 ] ، فجعل نفقة المبتوتة مشروطة بالحمل ، فدل على سقوطها بعدم الحمل وروي أن فاطمة بنت قيس أبت زوجها طلاقاً فأتاها وكيله بشعير فسخطته وأتت النبي ( ص ) تسأله عن نفقتها فقال : ‘ لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً ‘ .