الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج11-ص463
قال الماوردي : إذا خيرت الزوجة في إعساره بنفقتها فاختارت المقام رضا بعسرته ثم عادت تحاكمه تلتمس الخيار والفسخ كان ذلك لها في النفقة وإن لم يكن ذلك لها في الصداق ، والفرق بينهما أن الصداق يجب دفعه واحدة ، فإذا تقدم عفوها سقط خيارها ، والنفقة يتكرر وجوبها في كل يوم فإذا تقدم عفوها كان عفوها عما تقدم استحقاقه ولم يصح العفو عما تأخر استحقاقه فصار ما طالبت بالفسخ فيه غير ما رضيت بالمقام عليه فثبت لها الخيار فيه ، ولم يكن لما تقدمه من العفو تأثير لتقدمه على الوجوب كالشفيع إذا عفا عن الشفعة قبل الشراء والورثة إذا جازوا الوصايا قبل الوفاة والأمة إذا رضيت برق زوجها قبل عتقها لم يكن لذلك كله تأثير لوجوده قبل الوجوب ، ولكن لو عفت في يوم ثم عادت تطالب فيه بالتخيير لم يمكن ذلك لها لسقوط حقها فيه بعفوها ، فإن عادت من غده خيرت والله أعلم .
قال الماوردي : إذا تزوجته عالمة بعسرته ثم طلبت الفسخ بعد نكاحه لإعساره بالصداق أو النفقة خيرت فيهما ولم يسقط حقها بالعلم المتقدم . لأمرين :
أحدهما : أنه من العيوب المظنونة دون المتحققة .
والثاني : أنه مما يجوز أن يزول بعد وجوده ، وقد فرق الشافعي بين العيوب المظنونة والمتيقنة وبين ما يجوز أن يزول ولا يزول ألا تراها لو تزوجته بعد العلم بعنته لم يسقط خيارها ، لأن العنة مظنونة ولا يجوز أن تزول بعد وجودها ، ولو تزوجته عالمة بأنه مجبوب لم يكن لها خيار ، لأن الجب متيقن ولا يزول بعد وجوده .
قال الماوردي : وهذه مسألة قد مضت في كتاب الصداق ولامتناعه من دفع صداقها حالتان :
أحداهما : أن يكون بعد تسليم نفسها .